@ 291 @ .
قوله تعالى : { وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِى مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ } . ذكر الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة ، أن الكفار لا يزالون في مرية ، أي شك وريب منه : أي من هذا القرآن العظيم كما هو الظاهر ، واختاره ابن جرير وهو قول ابن جريج ، كما نقله عنهم ابن كثير : وقال سعيد بن جبير ، وابن زيد : في { مِرْيَةٍ مِّنْهُ } : أي في شك مما ألقى الشيطان ، وذكر تعالى في هذه الآية : أنهم لا يزالون كذلك ، حتى تأتيهم الساعة : أي القيامة بغتة : أي فجأة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم . قد روى مجاهد عن أبي بن كعب : أن اليوم العقيم المذكور يوم بدر ، وكذا قال مجاهد وعكرمة ، وسعيد بن جبير وغير واحد : واختاره ابن جرير كما نقله عنهم ابن كثير في تفسيره ثم قال : وقال مجاهد وعكرمة في رواية عنهما : هو يوم القيامة لا ليل له ، وكذا قال الضحاك والحسن البصري ، ثم قال : وهذا القول هو الصحيح ، وإن كان يوم بدر من جملة ما أوعدوا به ا ه . محل الغرض من ابن كثير . .
وقد ذكرنا مراراً أَنا بينا في ترجمة هذا الكتاب المبارك : أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يقول بعض العلماء في الآية قولاً ، ويكون في الآية قرينة تدل على عدم صحة ذلك القول . وذكرنا لذلك أمثلة كثيرة . وبه تعلم أن القرينة القرآنية هنا دلت على أن المراد باليوم العقيم : يوم القيامة ، لا يوم بدر ، وذلك أنه تعالى أتبع ذكر اليوم العقيم ، بقوله { الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ للَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ } . وذلك يوم القيامة وقوله : يومئذ : أي يوم إذ تأتيهم الساعة ، أو يأتيهم عذاب عقيم ، وكل ذلك يوم القيامة . فظهر أن اليوم العقيم : يوم القيامة ، وإن كان يوم بدر عقيماً على الكفار ، لأنهم لا خير لهم فيه ، وقد أصابهم ما أصابهم . .
قوله تعالى : { الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ للَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن الملك يوم القيامة له ، وإن كان الملك في الدنيا له أيضاً ، لأن في الدنيا ملوكاً من المخلوقين ، ويوم القيامة لا يكون فيه اسم الملك إلا لله جل وعلا وحده ، وما ذكره في هذه الآية الكريمة من أن الملك يوم القيامة له ، ومعلوم أن الملك هو الذي له الحكم بين الخلق بينه في غير هذا الموضع كقوله { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } وقوله { الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَانِ } وقوله