@ 283 @ { زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَن لَّن يُبْعَثُواْ } وكما قال تعالى { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِىَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحىِ الْعِظَامَ وَهِىَ رَمِيمٌ } وقال تعالى عنهم إنهم قالوا { وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } { وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ } وعلى هذا القول فالكفار معاجزين الله في زعمهم الباطل ، وقد بين تعالى في آيات كثيرة أن زعمهم هذا كاذب ، وأنهم لا يعجزون ربهم بحال كقوله تعالى { وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِى الْكَافِرِينَ } وقوله { فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِى اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } وقوله { وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِى الاٌّ رْضِ وَلاَ فِى السَّمَآءِ } وقوله تعالى في الجن { وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن نُّعْجِزَ اللَّهَ فِى الاٌّ رْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَباً } إلى غير ذلك من الآيات . وقد قدمنا أن مما يوضح هذا الوجه الأخير قول كعب بن مالك رضي الله عنه : وقد قدمنا أن مما يوضح هذا الوجه الأخير قول كعب بن مالك رضي الله عنه : % ( زعمت سخينة أن ستغلب ربها % وليغلبن مغالب الغلاب ) % .
ومراده بسخينة قريش : يعني أنهم يحاولون غلبة ربهم ، والله غالبهم بلا شك والوجه الأول أظهر . وأما على قراءة ابن كثير ، وأبي عمرو : معجزين بكسر الجيم المشددة ، بلا ألف ، فالأظهر أن المعنى معجزين : أي مثبطين من أراد الدخول في الإيمان عن الدخول فيه ، وقيل معجزين من اتبع النَّبي صلى الله عليه وسلم ومعنى ذلك : أنهم ينسبونهم إلى العجز من قولهم : عجزه بالتضعيف إذا نسبه إلى العجز الذي هو ضد الحزم ، يعنون أنهم يحسبون المسلمين سفهاء لا عقول لهم ، حيث ارتكبوا أمراً غير الحزم والصواب ، وهو اتباع دين الإسلام في زعمهم كما قال تعالى عن إخوانهم المنافقين { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ءَامِنُواْ كَمَآ ءَامَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَآ آمَنَ السُّفَهَآءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَآءُ } وقوله في هذه الآية الكريمة { وَالَّذِينَ سَعَوْاْ فِىءَايَاتِنَا } . .
اعلم أولاً : أن السعي يطلق على العمل في الأمر لإفساده وإصلاحه ، ومن استعماله في الإفساد قوله تعالى هنا { وَالَّذِينَ سَعَوْاْ فِىءَايَاتِنَا } أي سعوا في إبطالها وتكذيبها بقولهم : إنها سحر وشعر وكهانة وأساطير الأولين ، ونحو ذلك . ومن إطلاق السعي في الفساد أيضاً قوله تعالى { وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِى الاٌّ رْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا } ومن إطلاق السعي في العمل للإصلاح قوله تعالى { إِنَّ هَاذَا كَانَ لَكُمْ جَزَآءً وَكَانَ سَعْيُكُم