@ 282 @ الذين عملوا بخلاف ذلك فهم أصحاب الجحيم : أي النار الشديد حرها ، وفي هذه الآية وعد لمن أطاعه ووعيد لمن عصاه . والآيات بمثل ذلك في القرآن كثيرة كقوله تعالى { نَبِّىءْ عِبَادِى أَنِّى أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِى هُوَ الْعَذَابُ الاٌّ لِيمُ } وقوله { غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِى الطَّوْلِ } إلى غير ذلك من الآيات ، وقد أوضحناها في غير هذا الموضع وقوله في هذه الآية الكريمة { وَالَّذِينَ سَعَوْاْ فِىءَايَاتِنَا مُعَاجِزِينَ } قال مجاهد : معاجزين يثبطون الناس عن متابعة النَّبي صلى الله عليه وسلم وكذا قال عبد الله بن الزبير : مثبطين . وقال ابن عباس : معاجزين أي مغالبين ومشاقين ، وعن الفراء معاجزين : معاندين . وعن الأخفش معاجزين : معاندة مسابقين ، وعن الزجاج معاجزين : أي ظانين أنهم يعجزوننا ، لأنهم ظنوا ألا بعث ، وأن الله لا يقدر عليهم . .
واعلم : أن في هذا الحرف قراءتين سبعيتين قرأه الجمهور : معاجزين بألف بين العين والجيم بصيغة المفاعلة اسم فاعل عاجزه ، وقرأه ابن كثير ، وأبو عمرو : معجزين بلا ألف مع تشديد الجيم المكسورة على صيغة اسم الفاعل من عجزه . .
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له : الظاهر بحسب الوضع العربي في قراءة الجمهور معاجزين : هو اقتضاء طرفين ، لأن الظاهر لا يعدل عنه إلا لدليل يجب الرجوع إليه ، والمفاعلة تقتضي الطرفين إلا لدليل يصرف عن ذلك ، واقتضاء المفاعلة الطرفين في الآية من طريقين . .
الأولى : هي ما قاله ابن عرفة من أن معنى معاجزين في الآية أنهم يعاجزون الأنبياء وأتباعهم ، فيحاول كل واحد منهما إعجاز الآخر فالأنبياء وأتباعهم ، يحاولون إعجاز الكفار وإخضاعهم لقبول ما جاء عن الله تعالى ، والكفار يقاتلون الأنبياء ، وأتباعهم ، ويمانعونهم ، ليصيروهم إلى العجز عن أمر الله . وهذا الوجه ظاهر كما قال تعالى { وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ } وعليه فمفعول معاجزين معاجزين محذوف : أي معاجزين الأنبياء وأتباعهم ، أي مغالبين لهم ، ليعجزوهم عن إقامة الحق . .
الطريقة الثانية : هي التي ذكرناها آنفاً عن الزجاج أن معنى معاجزين : ظانين أنهم يعجزون ربهم ، فلا يقدر عليهم لزعمهم أنه لا يقدر على بعثهم بعد الموت كما قال تعالى