@ 266 @ تراب كما أوضحنا آنفاً ، فالتراب هو الطور الأول . .
والطور الثاني هو النطفة ، والنطفة في اللغة : الماء القليل ، ومنه قول الشاعر وهو رجل من بني كلاب : والطور الثاني هو النطفة ، والنطفة في اللغة : الماء القليل ، ومنه قول الشاعر وهو رجل من بني كلاب : % ( وما عليكِ إذا أخبرتني دنفا % وغاب بعْلكِ يوماً أن تَعودِيني ) % % ( وتجعلي نطفةً في القعْب باردة % وتغمسي فاكِ فيها ثم تسقيني ) % .
فقوله : وتجعلي نطفة : أي ماء قليلاً في العقب ، والمراد بالنطفة في هذه الآية الكريمة : نطفة المني ، وقد قدمنا في سورة النحل : أن النطفة مختلطة من ماء الرجل ، وماء المرأة ، خلافاً لمن زعم : أنها من ماء الرجل وحده . .
الطور الثالث : العلقة : وهي القطعة من العلق ، وهو الدم الجامد فقوله { ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ } أَي قطعة دم جامدة ، ومن إطلاق العلق على الدم المذكور قول زهير : ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ } أَي قطعة دم جامدة ، ومن إطلاق العلق على الدم المذكور قول زهير : % ( إليك أعملتها فتلا مرافقها % شهرين يجْهُض من أرحامها العَلَق ) % .
الطور الرابع : المضغة : وهي القطعة الصغيرة من اللحم ، على قدر ما يمضغه الآكل ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم ( إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ) الحديث . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ } في معناه أوجه معروفة عند العلماء ، سنذكرها هنا إن شاءَ الله ، ونبين ما يقتضي الدليل رجحانه . .
منها أن قوله { مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ } صفة للنطفة وأن المخلقة : هي ما كان خلقاً سوياً ، وغير المخلقة : هي ما دفعته الأرحام من النطف ، وألقته قبل أن يكون خلقاً ، وممن روي عنه هذا القول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه نقله عنه ابن جرير وغيره ، ولا يخفى بعد هذا القول ، لأن المخلقة وغير المخلقة من صفة المضغة ، كما هو ظاهر . .
ومنها : أن معنى مخلقة : تامة ، وغير مخلقة : أي غير تامة ، والمراد بهذا القول عند قائله : أن الله جل وعلا يخلق المضغ متفاوتة ، منها : ما هو كامل الخلقة ، سالم من العيوب ، ومنها : ما هو على عكس ذلك ، فيتبع ذلك التفاوت تفاوت الناس ، في خلقهم ، وصورهم ، وطولهم . وقصرهم ، وتمامهم ، ونقصانهم . .
وممن روى عنه هذا القول : قتادة كما نقله عنه ابن جرير وغيره ، وعزاه الرازي لقتادة والضحاك . ومنها : أن معنى مخلقة مصورة إنساناً ، وغير مخلقة : أي غير مصورة إنساناً كالسقط الذي هو مضغة ، ولم يجعل له تخطيط وتشكيل ، وممن نقل عنه هذا القول ، مجاهد ، والشعبي ، وأبو العالية كما نقله