@ 265 @ واختلطت بالتراب ، لأن الإعادة لا يمكن أن تكون أصعب من ابتداء الفعل ، وهذا البرهان القاطع على القدرة على البعث : الذي هو خلقه تعالى للخلائق المرة الأولى المذكور هنا ، جاء موضحاً في آيات كثيرة كقوله { وَهُوَ الَّذِى يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } وقوله { قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِى أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } وقوله تعالى { كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ } وقوله { فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِى فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } وقوله تعالى { أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الاٌّ وَّلِ بَلْ هُمْ فِى لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ } وقوله تعالى { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الاٍّ ولَى فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ } وقوله { أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِىٍّ يُمْنَى } إلى قوله { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِىَ الْمَوْتَى } والآيات بمثل ذلك كثيرة جداً ، وقد أوضحنا ذلك في مواضع متعددة من هذا الكتاب المبارك في سورة البقرة ، وسورة النحل ، وغيرهما ، ولأجل قوة دلالة هذا البرهان المذكور على البعث بين جل وعلا أن من أنكر البعث فهو ناس للإيجاد الأول كقوله { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِىَ خَلْقَهُ } ، إذ لو تذكر الإيجاد الأول ، على الحقيقة ، لما أمكنه إنكار الإيجاد الثاني ، وكقوله { وَيَقُولُ الإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً * أَوَلاَ يَذْكُرُ إلإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً } إذ لو تذكر ذلك تذكراً حقيقياً لما أنكر الخلق الثاني ، وقوله في هذه الآية الكريمة { إِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ } أي في شك من أن الله يبعث الأموات ، فالريب في القرآن يراد به الشك ، وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ } قد قدمنا في سورة طه : أن التحقيق في معنى خلقه للناس من تراب ، أنه خلق أباهم آدم منها ، ثم خلق منه زوجه ، ثم خلقهم منهما عن طريق التناسل ، كما قال تعالى { إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ } ، فلما كان أصلهم الأول من تراب ، أطلق عليهم أنه خلقهم من تراب . لأن الفروع تبع للأصل . .
وقد بينا في طه أيضاً أن قول من زعم أن معنى خلقه إياهم من تراب : أنه خلقهم من النطف ، والنطف من الأغذية ، والأغذية راجعة إلى التراب غير صحيح ، وقد بينا هناك الآيات الدالة على بطلان هذا القول . .
وقد ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أطوار خلق الإنسان ، فبين أن ابتداء خلقه من