@ 261 @ .
تنبيه .
اعلم أن هذا الذي دلت عليه الأحاديث الصحيحة التي ذكرنا بعضها يرد عليه سؤال ، وهو أن يقال : إذا كانت الزلزلة المذكورة بعد القيام من القبور ، فما معناها ؟ .
والجواب : أن معناها : شدة الخوف ، والهول ، والفزع ، لأن ذلك يسمى زلزالاً ، بدليل قوله تعالى فيما وقع بالمسلمين يوم الأحزاب من الخوف { إِذْ جَآءُوكُمْ مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الاٌّ بْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَاْ * هُنَالِكَ ابْتُلِىَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالاً شَدِيداً } أي وهو زلزال فزع وخوف ، لا زلزال حركة الأرض ، وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { اتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ } يدل على أن عظم الهول يوم القيامة موجب واضح للاستعداد لذلك الهول . بالعمل الصالح ، في دار الدنيا ، قبل تعذر الإمكان لما قدمنا مراراً من أن إن المشددة المكسورة تدل على التعليل ، كما تقرر في الأصول في مسلك الإيماء والتنبيه ، ومسلك النص الظاهر : أي اتقوا الله ، لأن أمامكم أهوالاً عظيمة ، لا نجاة منها إلا بتقواه جل وعلا . قوله تعالى : { وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ * كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن من الناس بعضاً يجادل في الله بغير علم : أي يخاصم في الله بأن ينسب إليه ما لا يليق بجلاله وكماله ، كالذي يَدَّعي له الأولاد والشركاء ، ويقول إن القرآن أساطير الأولين ، ويقول : لا يمكن . أن يحيي الله العظام الرميم ، كالنضر بن الحارث ، والعاص بن وائل ، وأبي جهل بن هشام وأمثالهم من كفار مكة الذين جادلوا في الله ذلك الجدال الباطل بغير مستند ، من علم عقلي ، ولا نقلي ، ومع جدالهم في الله ذلك الجدال الباطل يتبعون كل شيطان مريد : أي عاتٍ طاغٍ من شياطين الإنس والجن { كُتِبَ عَلَيْهِ } أي كتب الله عليه كتابه قدر وقضاء { أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ } أي كل من صار ولياً له : أي للشيطان المريد المذكور ، فإنه يضله عن طريق الجنة إلى النار ، وعن طريق الإيمان إلى الكفر ، ويهديه إلى عذاب السعير : أي النار الشديدة الوقود . .
وما ذكره جل وعلا في هذه الآ . . ية الكريمة من أن بعض الجهال كالكفار يجادل في