@ 32 @ قتله ، وحيي هو . لأنه لم يقتل فيقتل قصاصاً . فقتل القاتل يحيا به ما لا يعلمه إلا الله كثرة كما ذكرنا . قال تعالى { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَواةٌ ياأُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ولا شك أن هذا من أعدل الطرق وأقومها ، ولذلك يشاهد في أقطار الدنيا قديماً وحديثاً قلة وقوع القتل في البلاد التي تحكم كتاب الله . لأن القصاص رادع عن جريمة القتل . كما ذكره الله في الآية المذكورة آنفاً . وما يزعمه أعداء الإسلام من أن القصاص غير مطابق للحكمة . لأن فيه إقلال عدد المجتمع بقتل إنسان ثان بعد أن مات الأول ، وأنه ينبغي أن يعاقب بغير القتل فيحْبس ، وقد يولد له في الحبس فيزيد المجتمع . كله كلام ساقط ، عار من الحكمة ا لأن الحبس لا يردع الناس عن القتل . فإذا لم تكن العقوبة رادعة فإن السفهاء يكثر منهم القتل . فيتضاعف نقص المجتمع بكثرة القتل . .
ومن هدي القرآن للتي هي أقوم : قطع يد السارق المنصوص عليه بقوله تعالى : { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَآءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } ، وقال النَّبي صلى الله عليه وسلم : ( لو سرقت فاطمة لقطعت يدها ) . .
وجمهور العلماء على أن القطع من الكوع ، وأنها اليمنى . وكان ابن مسعود وأصحابه يقرؤون ( فاقطعوا أَيمانهما ) . .
والجمهور أنه إن سرق ثانياً قطعت رجله اليسرى ، ثم إن سرق فيده اليسرى ، ثم إن سرق فرجله اليمنى ، ثم يعزر . وقيل يقتل . كما جاء في الحديث : ( ولا قطع إلا في ربْع دينار أو قيمته أو ثلاثة دراهم ) كما هو معروف في الأحاديث . .
وليس قصدنا هنا تفصيل أحكام السرقة . وشروط القطع ، كالنصاب والإخراج من حرز . ولكن مرادنا أن نبين أن قطع يد السارق من هدي القرآن للتي هي أقوم . وذلك أن هذه اليد الخبيثة الخائنة ، التي خلقها الله لتبطش وتكتسب في كل ما يرضيه من امتثال أوامره واجتناب نهيه ، والمشاركة في بناء المجتمع الإنساني فمدت أصابعها الخائنة ، إلى مال الغير لتأخذه بغير حَق ، واستعملت قُوة البطش المودعة فيها في الخيانة والغدر ، وأخذ أموال الناس على هذا الوجه القبيح ، يد نجسة قذرة ، ساعية في الإخلال بنظام المجتمع . إذ لا نظام له بغير المال ، فعاقبها خالِقها بالقطع والإزالة . كالعضو الفاسد الذي يجر الداء لسائر البدن ، فإنه يزال بالكلية إبقاء على البدن ، وتطهيراً له من المرض . ولذلك فإن قطع اليد يطهر السارق من دنس ذنب ارتكاب معصية السرقة ، مع الردع البالغ