@ 11 @ . قوله تعالى : { لِنُرِيَهُ مِنْ ءْايَاتِنَآ } . الظاهر إنما أراه الله من آياته في هذه الآية الكريمة : أنه أراه إياه رؤية عين . فهمزة التعدية داخلة على رآى البصرية . كقولك : أرأيت زيداً دار عمرو . أي جعلته يراها بعينه . و ( من ) في الآية للتبعيض ، والمعنى { لِنُرِيَهُ مِنْ ءْايَاتِنَآ } : أي بعض آياتنا فنجعله يراها بعينه . وذلك ما رآه صلى الله عليه وسلم بعينه ليلة الإسراء من الغرائب والعجائب . كما جاء مبيناً في الأحاديث الكثيرة . .
ويدل لما ذكرنا في الآية الكريمة قوله تعالى في سورة النجم : { مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ ءَايَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى } . قوله تعالى : { وَءَاتَيْنَآ مُوسَى الْكِتَابَ } . لما بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة عظم شأن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، ذكر عظم شأن موسى بالكتاب العظيم ، الذي أنزله إليه ، وهو التوراة . مبيناً أنه جعله هدىً لبني إسرائيل . وكرر جل وعلا هذا المعنى في القرآن . كقوله : { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلاَ تَكُن فِى مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآئِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِى إِسْرَاءِيلَ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ وَكَانُواْ بِأايَاتِنَا يُوقِنُونَ } ، وقوله : { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الاٍّ ولَى بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ } ، وقوله : { ثُمَّ ءاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِى أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَىْءٍ } ، وقوله : { وَكَتَبْنَا لَهُ فِى الاْلْوَاحِ مِن كُلّ شَىْء مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لّكُلّ شَىْء } الآية ، إلى غير ذلك من الآيات . قوله تعالى : { أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِى وَكِيلاً } . اعلم أن هذا الحرف قرأه جمهور القراء { إِلا * تَتَّخِذُونَ } بالتاء على وجه الخطاب . وعلى هذا ف ( أن ) هي المفسرة . فجعل التوراة هدى لبني إسرائيل مفسر بنهيهم عن اتخاذ وكيل من دون الله . لأن الإخلاص لله في عبادته هو ثمرة الكتب المنزلة على الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه . وعلى هذه القراءة ف ( لا ) في قوله : { أَلاَّ تَتَّخِذُواْ } ناهية . وقرأه أبو عمرو من السبعة { أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِى وَكِيلاً } بالياء على الغيبة . وعلى هذه القراءة فالمصدر المنسبك من ( أن ) وصلتها مجرور بحرف التعليل المحذوف . أي وجعلناه هدى لبني إسرائيل لأجل ألا يتخذوا من دوني وكيلاً . لأن اتخاذ الوكيل الذي تسند إليه الأمور ، وتفوض من دون الله ليس من الهدى . فمرجع القراءتين إلى شيء واحد ، وهو أن التوكل إنما يكون على الله وحده لا على غيره .