واقتناص فائدة جمعه ولذا قال ابن المدني إذا رأيت المحدث أول ما يكتب الحديث يجمع حديث الغسل وحديث من كذب علي فأكتب على قفاه لا يفلح ونحوه قول الذهبي كما سيأتي في الباب الذي يليه إذا رأيت المحدث يفرح بعوالي أبي هدية ويعلى بن الأشدق وسمى غيرهما فأعلم أنه عامي بعد .
ولله در القاضي أبي بكر بن العربي حيث قال ولا ينبغي لمصنف يتصدى إلى تصنيف أن يعدل عن غرضين إما أن يخترع معنى أو يبدع وضعا ومبنى وما سوى هذين الوجهين فهو تسويد الورق .
والتحلي بحلية السرق وكذلك رأي الأئمة كراهة الإخراج ممن يصنف لشيء من تصنيفه إلى الناس بلا تحرير وتهذيب وتكرير لنظره فيه وتنقيب قال ابن المعتز لحظة القلب أسرع خطوة من لحظة العين وأبعد غاية وأوسع مجالا وهي الغائصة في أعماق أودية الفكر ولمتأمله لوجوه العواقب والجامعة بين ما غلب وحضر والميزان الشاهد على ما نفع وضر والقلب كالمملي للكلام على اللسان إذا نطق واليد إذا كتبت فالعاقل يكسو المعاني وشيء الكلام في قلبه ثم يبدئها بألفاظ كواش في أحسن زينة والجاهل يستعجل بإظهار المعاني قبل العناية بتزيين معارضها واستكمال محاسنها .
وليعلم كما قال هلال ابن العلاء أنه يستدل على عقل المرء بعد موته بتصنيفه أو شعره أو رسالته أو كما قال الأصمعي إن الإنسان في سلامة من أفواه الناس ما لم يضع كتابا أو يقل شعرا وكما قال العتابي إن من صنف فقد استشرف للمديح والذم فإن أحسن فقد استهدف للحسد والغيبة وإن أساء فقد تعرض للشتم واستقذف بكل لسان ونحوه ما نقله القاضي أبو يعلى بن الفراء عن عبد الله بن المقفع أنه قال من صنف استهدف فإن أحسن فقد استعطفا وأن أساء فقد استقذف