في الإتقان والجمع مع التخليص والتحقيق نفع الله به وصرف عنه من لم يحفظ معناه ولم يلحظ معناه من صالح وطالح وحاسد وناصح وصبي جهول وغبي لم يدر ما يقول متفهما لما يليق بخاطرك منها ممن يكون ممارسا للفن مطبوعا فيه عاملا به وإلا تكن كخابط عشواء ركب متن عمياء .
وذلك واجب لكونه طريقا إلى معرفة الصحيح والسقيم وإذا علمت كيفية الطلب وما يلتحق بذلك فليكن من أول ما ينبغي أن تستعمله شدة الحرص على السماع المسارعة إليه والملازمة للشيوخ وتبتدي بسماع الأمهات من كتب أهل الأثر والأصول الجامعة للسنن كما قال الخطيب وهي على الأبواب والمسانيد والمبوبة .
وهي كثيرة متفاوتة أنفعها بالنظر لسرعة استخراج الفائدة منها فقدمها وبالصحيحين للبخاري ومسلم منها ابدان وقدم أولهما لشدة اعتنائه باستنباط الأحكام التي هي المقصد الأعظم مع تقدمه ورجحانه كما سبق في محله إلا إن دعت ضرورة كأن يكون الراوي لصحيح مسلم انفرد به ويخشى فوته ورواه البخاري فيهم كثرة كما اتفق في عصرنا للزمن عبد الرحمن الزركشي الحنبلي آخر من سمع صحيح مسلم على البياني فإنه لو حصل التشاغل عنه بصحيح البخاري الذي استمر بعده في الدرجة التي كان فيها في حياته أكثر من أربعين سنة ربما فات ولا يوجد مثله ثم أردفها بكتب السنن المراعي مصنفوها فيها الاتصال غالبا والمقدم منها كتاب أبي داود لكثرة ما اشتمل عليه من أحاديث الأحكام ثم كتاب أبي عبد الرحمن النسائي لتتمرن في كيفية المشي في العلل ثم كتاب أبي عيسى الترمذي لاعتنائه بالإشارة لما في الباب من الأحاديث وبيانه لحكم ما يورد في صحة وحسن وغيرهما و يليها كتاب السنن للحافظ الفقيه أبي بكر البيهقي فلا تحد عنه لاستيعابه لأكثر أحاديث الأحكام بل لا تعلم كما قال ابن الصلاح في بابه مثله ولذا كان حقه التقديم على سائر كتب السنن ولكن قدمت تلك