قال عياض وإنما كره من كره لأصحاب الثمانين التحديث لكون الغالب على من يبلغ هذا السن اختلال الجسم والذاكرة وضعف الحال وتغير الفهم وحلول الخرف فخيف أي يبدأ به التغيير والاختلال فلا يفطن له إلا بعد أن جازت عليه أشياء وتبعه ابن الصلاح في هذا التوجيه فقال من بلغ الثمانين ضعف حاله في الغالب وخيف عليه الاختلال والإخلال وأن لا يفطن له إلا بعد أن يخلط كما اتفق لغير واحد من الثقات منهم عبد الرزاق وسعيد ابن أبي عروبة على أن العماد بن كثير قد فصل بين من يكون اعتماده في حديثه على حفظه وضبطه فينبغي الاحتراز من اختلاطه إذا طعن في السن كان الناس أرغب في السماع منه كالحجاز فإنه جاز المائة بيقين لأنه سمع البخاري على ابن الزبيدي في سنة ثلاثين وستمائة وأسمعه في سنة ثلاثين وسبعمائة وكان عاميا لا يضبط شيئا ولا يتعقل كثيرا ومع هذا تداعى الأئمة والحفاظ فضلا عمن دونهم إلى السماع منه لأجل تفرده بحيث سمع منه نحو مائة ألف أو يزيدون .
قلت وقد أفر الذهبي كراسة أو رد فيها على السنين من جاز المائة وكذا جمع شيخنا في ذلك كتابا على الحروف ولكن ما وقفت عليه بل وما أظنه بيض ويوجد فيهما جملة من أمثلة ما نحن فيه وفيه رد على أبي أمامة بن النقاش حيث زعم أنه لا يعيش أحد من هذه الأمة فوق مائة سنة متمسكا بحديث جابر في الصحيح ما على الأرض نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة حسبما سمعه البرهان الحلبي من الناظم عنه .
و كذا ينبغي استحبابا إمساك الأعمى نقل الهمزة سواء القديم عماه أو الحادث عن الرواية أن يخف أن يدخل عليه في حديثه ما ليس منه لكونه غير حافظ بل ولو كان حافظا كما وقع لجماعة حسبما قدمته في الفصل