لفظتين غريبتين إحداهما قوله يحبون الحديث والأخرى قوله فمن حفظ شيئا فليحدث به وقد ذهب جماعة من أئمة الإسلام إلى أنه ليس للمحدث أن يحدث بما لم يحفظه انتهى .
وكذا يشهد له قول هشيم من لم يحفظ الحديث فليس هو من أصحاب الحديث يجيء أحدهم بكتاب كأنه سجل مكاتب ومن ثم كما قال شيخنا .
قلت الرواية عن بعض من قال بهذا مع كونه في نفس الأمر كثير الرواية وعلى كل حال فهو كما قال ابن الصلاح من مذاهب المتشددين الذين أفرطوا وباينوا بصنيعهم المتساهلين الذين فرطوا بحيث قالوا بالرواية بالوصية والإعلام والمناولة المجردات ومن النسخ التي لم تقابل ونحو ذلك مما بسط في محاله والصواب الأول هو الذي عليه الجمهور سواء كان كتابه بيد ثقة ضابط وإن اشترط بعضهم والحالة هذه كونه بيده كما سلف في أول الفروع التالية لثاني أقسام التحمل وسواء خرج كتابه عن يده أم لا إذا غلب على الظن سلامته وإن منع منه بعضهم كما سيأتي قريبا وسواء حدث من كتابه ابتداء أو حفظ من كتابه ثم حدث من حفظه لكن قد كان شعبة ربما نص على أن حفظه من كتابه لئلا يتوهم والله أعلم حفظه من فم شيخه ابتداء .
ثم إن المصنف لم يتعرض لتصويب ابن الصلاح لما ذهب إليه الأكثر .
وقد نظم ذلك بعضهم فقال .
( وصوب الشيخ لقول الأكثر ... وهو الصواب ليس فيه نمتري ) .
وإذا رأى المحدث سماعه في كتابه بخطه أن بخط من يثق به سواء الشيخ أو غيره فلا يخلو إما أن يتذكره أولا فإن تذكره وهو أرفع الأقسام جازت له روايته على المعتمد إن لم يكن حافظا له وبلا خلاف إن كان له حافظ وإن لم يتذكره بل تذكر أنه غير سماعه فقد تعارضا والظاهر اعتماد ما في ذكره