وأما من ذهب كحسين الكرابيسي وغيره إلى أن خبر الوحد يوجب العلم الظاهر والعمل جميعا فهو محمول على إرادة غلبة الظن أو التوسع لا سيما من قدم منهم الضعيف على القياس كأحمد وإلا فالعلم عند المحققين لا يتفاوت .
فالجار في الصحيح يتعلق بقصد وأوفى ظاهر بمحذوف ولا القطع معطوف على محل في ظاهر والتقدير قصدوا الصحة ظاهرا لا قطعا والحاصل أن الصحة والضعف مرجعهما إلى وجود الشرائط وعدمها بالنسبة إلى غلبة الظن لا بالنسبة إلى الواقع في الخارج من الصحة وعدمها .
واعلم أنه لا يلزم من الحكم بالصحة في سند خاص الحكم بالأصحية لفرد مطلقا بل المعتمد إمساكنا أي كفنا عن حكمنا على سند معين بأنه أصح الأسانيد مطلقا كما صرح به غير واحد من أئمة الحديث وقال النووي إنه المختار لأن تفاوت مراتب الصحيح مترتب على تمكن الإسناد من شروط الصحة وبغير وجود أعلى درجات القبول من الضبط والعدالة ونحوهما في كل فرد فرد من رواة الإسناد من ترجمة واحدة بالنسبة لجميع الرواة الموجودين في عصره إذ لا يعلم أو يظن أن هذا الراوي حاز أعلى الصفات حتى يوازي بينه وبين كل فرد فرد من جميع من عاصره .
وقد خاض إذا اقتحم بالغمرات به أي بالحكم بالأصحية المطلقة ( قوم ) فتكلموا في ذلك واضطربت أقوالهم فيه لاختلاف اجتهادهم فقيل كما ذهب إليه إمام الصنعة البخاري أصح الأسانيد ما رواه مالك نجم السنن القائل فيه ابن مهدي لا أقدم عليه في صحة الحديث أحدا والشافعي إذا جاء الحديث عنه فاشدد به كان حجة الله على خلقه بعد التابعين عن شيخه نافع القائل في حقه أحمد عن سفيان أي حديث أوثق من حديثه ( بما ) أي بالذي ( رواه ) له الناسك أي العابد مولاه أي مولى نافع