العلم المباح فإنه قال وأما المباح منه فالعلم بالأشعار التي لا سخف فيها وتواريخ الأخبار وما يجري مجراه وولع بعض الفساق بهذا الكلام في ذم مطلق التاريخ فأخطأ بل هو واجب إذا تعين طريقا للوقوف على اتصال الخبر وشبهه .
وقد قال الذهبي فيما قرأته بخطه فنون التواريخ التي تدخل في تاريخي البحر المحيط وسردها فكانت أمرا عجبا ولم أنهض له ولو عملته لجاء في ستمائة مجلد ولذا قال مغلطائي كما قرأته بخطه أيضا إن شخصا واحدا حاز نحوا من ألف تصنيف فيه ومع ذلك فليس في الوفيات بخصوصها كتاب مستوفى كما صرح بن الحافظ أبو عبد الله الحميدي مؤلف الجمع بين الصحيحين وأنه دام جمع ذلك فقال له الأمير أبو نصر بن ماكولا رتبه على الحروف بعد أن ترتبه على السنين يعني في تصنيفين مستقلين يستوفى الغرض في كل منهما أو في واحد فقط ويكون على قسمين أحدهما مستوفيا والآخر حوالة بأن يقول في حرف العين مثلا عكرمة مولى ابن عباس في الطبقة الفلانية من التابعين ليتيسر بذلك للطالب الإحاطة بالراوي سواء عرف طبقته أو اسمه وإن كان صنيع الذهبي يشعر بأن المراد أن يجعل كل طبقة على قسمين قسم فيه الأسماء مرتبة على الحروف والآخر فيه الحوادث وذلك أنه قال عقب كلام الحميدي في ترجمته من تاريخ الإسلام له ما نصه قد فتح الله بكتابنا هذا انتهى فإن الظاهر ما قدمته هذا مع أن تاريخ الإسلام قد فاته فيه من الخلق من لا يحصى كثرة وقد رتبته على حروف المعجم وزدت فيه قدرة أو أكثر وصار الآن كتابا حافلا بديعا مع أني لم أبلغ فيه غرضي .
وقد صنف في الوفيات القاضيان أبو الحسين عبد الباقي بن قانع البغدادي الحافظ المتوفى في سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة وآخر وفياته عند سنة ست وأربعين وثلاثمائة وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن ربيعة بن زبر البغدادي الدمشقي قاضي مصر والمتوفى في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة وكلاهما