فمن رأى أن الاستثناء يعود إلى الأخيرة فقط وهو أبو حنيفة قال إذا تاب القاذف زال فسقه ولم تقبل شهادته إذا جلد لأن الاستثناء فى قوله تعالى إلا اللذين تابوا لم يتعلق بقوله تعالى ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا فيبقى على عمومه فى الزمان .
وقد يقال فى الآية الكريمة إنها تضمنت حكمين وجوب الحد وثبوت الفسق أما رد الشهادة فهو من آثار الفسق ومن لوازمه ومترتب عليه فإذا زال الفسق الذى هو المؤثر بالتوبة زال أثره الذى هو رد الشهادة .
وأما من رأى عوده إلى الجميع فقال جماعة منهم مقتضى هذا الأصل أن يعود إلى الفسق ورد الشهادة والحد لكن منع من عوده إلى الجلد الإجماع فإن حد القذف لا يسقط بالتوبة بالإجماع فيبقى الباقى على مقتضى الأصل .
قلت ودعوى الإجماع لا تصح فإن ابن الجوزى جزم بعوده إلى الجلد وأنه قول أحمد وجزم به صاحب المغنى أيضا فى أول مسألة شهادة القاذف لما بحث مع الحنفية المسألة وأنهم قالوا الاستثناء لا يعود إلى الجلد ومنعهم وقال بل يعود إليه أيضا انتهى .
يؤيد أن حد القذف يسقط بالتوبة لو قذف شخص شخصا لا يجب عليه إعلامه والتحلل منه وهو أصح الروايتين عن الإمام أحمد حتى إنه يحرم عليه إعلامه بذلك ذكره القاضى أبو يعلى والشيخ عبد القادر يقبل ههنا لا ينبغى أن يعلمه .
وأما الشرط إذا قيد به أحد المتعاطفين فقد ذكر الإمام فى الحصول أن الحنفية قد وافقونا على عوده إلى الجميع وكذلك ذكر القاضى أبو يعلى وأبو العباس وذكره فى التمهيد إجماعا وذكر أبو محمد المقدسى فى الروضة أن أكثر المخالفين سلموا أن الشرط يعود إلى الجميع ونقض عليهم بذلك وذكر فى المغنى فى الظهار وإذا قال أنت حرام والله لا أكلمك إن شاء الله تعالى