وكذلك لما علم سبحانه مسيس الحاجات إلى المناكحات شرع الأنكحة لتحصيل مقاصدها من المودة والرحمة وكثرة النسل والتعاضد والتناصر .
وشرع في الأنكحة بما لم يشرعه في غيرها من المعاملات إذ لا تتم مصالحها إلا بذلك كما جعل بعض المعاملات لازما بعضها جائزا وأحد طرفيه لازما من الآخر لعلمه بما يختص بكل طرف من تحصيل مصلحته أو تكميلها .
ولما علم سبحانه أن من عباده الجائر المسرف والمقسط المنصف والقوي الضعيف أمر بنصب الخلفاء والقضاة والولاة ليدفعوا الهوى عن الضعيف والجائر المسرف عن العادل المنصف وليحفظوا الحقوق على العابثين والعاجزين وينصرفوا على الأيتام والمجانين فيحصل الولاة والقضاة والأئمة على أجور الآخرة ومصالحها وتحصيل المحكوم له على المصالح العاجلة وتخليص المحكوم من عهدة الخطأ والظلم فإن ذلك نصرة للظالمين والمظلومين .
ولما علم سبحانه أن الولاة لا يقفون على الصادق من الخصمين ولا يميزون الظالم من المظلوم شرع الشهادات وتحملها وأداءها حتى يظهر للقضاة والخلفاء والحكام والولاة الظالم من المظلوم والعادل المنصف من الجائر المسرف .
وشرع الأيمان الوازعة عن الكذب لإظهار صدق من تعرض عليه .
ولما علم أن الولاة والقضاة لا يقدرون على القيام بما ولوه أوجب على أهل الكفاية مساعدتهم على جلب مصالح ولاياتهم ودرء مفاسدها