وعلى أن الدليل اقتضى الجمع بينهما قد دل على وجوب العمل بكل واحد من الدليلين وكلام صاحب الشرع لا يتناقض فلم يبق إلا الجمع والترتيب .
قالوا ولأنه يحتمل أن يكون أحدهما منسوخا بالآخر ويحتمل أن يكون مرتبا عليه فلا يجوز تقديم أحدهما على الآخر كما لو احتمل وجهين من الترتيب لا مزية لأحدهما على الآخر .
قلنا هذا يبطل بالآيتين فإنه يحتمل أن تكون إحداهما منسوخة بالأخرى ويحتمل أن تكون مرتبة عليها ثم قدمنا الاستعمال والبناء على النسخ ولم يجعل ذلك بمنزلة آيتين تعارض فيهما ترتيبان مختلفان .
ولأنه وإن احتمل النسخ إلا أن الترتيب والبناء أظهر لأن فيه استعمال دليل والنسخ إسقاط دليل والاستعمال أولى لأن الخبر إنما ورد للاستعمال والظاهر بقاء حكمه .
قالوا ولأن أدلة الشرع فروع لأدلة العقل ثم التعارض في أدلة العقل لا يقتضي الترتيب فكذلك التعارض في أدلة الشرع .
قلنا الترتيب في أدلة العقل لا يمكن لأنها لا تحتمل التأويل فهي بمنزلة نصين تعارضا وفي مسألتنا يحتمل أحد اللفظين التأويل وأن يكون المراد به بعض ما تناوله الآخر فجاز فيه البناء والترتيب ولهذا المعنى جوزنا الترتيب في الآيتين ولم يجز ذلك في أدلة العقل .
قالوا ولأن الشهادتين إذا تعارضتا سقطتا فكذلك الخبران .
قلنا إن أمكن استعمال الشهادتين استعملناهما وهي إذا شهد شاهدان بمائة وشهد آخران بقضاء خمسين منها فيجمع بينهما كما يجمع بين الخبرين وإن لم يمكن سقطتا كالخبرين إذ لم يمكن استعمالهما