وبيان ذلك أن كل ما يتلقاه من لفظ رسول الله A من راه فهو مدلول المعجزة من غير واسطة والإجماع من حيث يشعر بخبر مقطوع به يقع ثانيا والمدلولات المتلقاة من الإجماع و منها خبر الواحد والقياس يقع ثالثا ثم لها مراتب في الظنون ولا تنضبط وإنما غرضنا ترتيب البيان ومن ضرورة البيان تقدير العلم .
فإن قيل لم لم تعدوا كتاب الله تعالى قلنا هو مما تلقى من رسول الله A فكل ما يقوله الرسول فمن الله تعالى فلم يكن لذكر الفصل بين الكتاب والسنة معنى .
فهذا منتهى الغرض في تقسيم البيان والله المستعان .
مسألة في تأخير البيان .
77 - اعلم أن البيان لا يسوغ تأخيره عن وقت الحاجة والمعنى به توجه الطلب التكليفي فإذا فرض ذلك استحال أن يؤخر بيان المطلوب ولو فرض ذلك لكان مقتضيا تكليف مالا يطاق وقد سبق القول في استحالته .
وأما تأخير البيان إلى وقت الحاجة عند ورود الخطاب فجائز عند أهل الحق .
78 - ومنع المعتزلة ذلك وأوجبوا اقتران البيان بمورد الخطاب والكلام عليهم يحصره ثلاثة أقسام .
أحدها البرهان الحق فنقول لا يمتنع ما منعتموه وقوعا وتصورا وليس كامتناع المستحيلات وفرض اجتماع المتضادات فلئن فرض استحالته فهو متلقى على زعمكم من فن الإستصلاح والقول بالصلاح والأصلح فرع من فروع مذهبهم في التقبيح والتحسين العقليين وقد استأصلنا قاعدتهم فيما يدعونه من ذلك