آية ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة وتفسيرها .
قال الله تعالى : { ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم } فأخبر سبحانه أنهم لا يزالون مختلفين أبدا مع أنه إنما خلقهم للاختلاف وهو قول جماعة من المفسرين في الآية وأن قوله : { ولذلك خلقهم } معناه : وللاختلاف خلقهم وهو مروي عن مالك بن أنس قال : خلقهم ليكونوا فريقا في الجنة وفريقا في السعير ونحوه عن الحسن فالضمير في خلقهم عائد على الناس فلا يمكن أن يقع منهم إلا ما سبق في العلم وليس المراد ها هنا الاختلاف في الصور كالحسن والقبيح والطويل والقصير ولا في الألوان كالأحمر والأسود ولا في أصل الخلقة كالتام الخلق والأعمى والبصير والأصم والسميع ولا في الخلق كالشجاع والجبان والجواد والبخيل ولا فيما أشبه ذلك من الأوصاف التي هم مختلفون فيها .
وإنما المراد اختلاف آخر وهو الاختلاف الذي بعث الله النبيين ليحكموا فيه بين المختلفين كما قال تعالى : { كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه } الآية وذلك الاختلاف في الآراء والنحل والأديان والمعتقدات المتعلقة بما يسعد الإنسان به أو يشقى في الآخرة والدنيا .
هذا هو المراد من الآيات التي كرر فيها الاختلاف الحاصل بين الخلق أن هذا الاختلاف الواقع بينهم على أوجه :