والخامس : رأي نابتة متأخرة الزمان من المتصوفة .
والخامس : رأي نابتة متأخرة الزمان ممن يدعي التخلق بخلق أهل التصوف المتقدمين أو يروم الدخول فيهم يعمدون إلى ما نقل عنهم في الكتب من الأحوال الجارية عليهم أو الأقوال الصادرة عنهم فيتخذونها دينا وشريعة لأهل الطريقة وإن كانت مخالفة للنصوص الشرعية من الكتاب والسنة أو مخالفة لما جاء عن السلف الصالح لا يلتفتون إلى فتيا مفت ولا نظر عالم بل يقولون : إن صاحب هذا الكلام ثبتت ولايته فكل ما يفعله أو يقلوه حق وإن كان مخالفا فهو أيضا ممن يقتدى به والفقه للعموم وهذه طريقة الخصوص ! .
فتراهم يحسنون الظن بتلك الأقوال والأفعال ولا يحسنون الظن بشريعة محمد A وهو عين اتباع الرجال وترك الحق مع أن أولئك المتصوفة الذين ينقل عنهم لم يثبت أن ما نقل عنهم كان في النهاية دون البداية ولا علم أنهم كانوا مقرين بصحة ما صدر عنهم أم لا وأيضا فقد يكون من أئمة التصوف وغيرهم من زل زلة يجب سترها عليه فينقلها عنه من لا يعلم حاله ممن لم يتأدب بطريق كل التأدب .
وقد حذر السلف الصالح من زلة العالم وجعلوها من الأمور التي تهدم الدين فإنه ربما ظهرت فتطير في الناس كل مطار فيعدونها دينا وهي ضد الدين فتكون الزلة حجة في الدين .
فكذلك أهل التصوف لا بد في الاقتداء بالصوفي من عرض أقواله وأفعاله على حاكم يحكم عليها : هل هي من جملة ما يتخذ دينا أم لا ؟ والحاكم هو الشرع وأقوال العالم تعرض على الشرع أيضا وأقل ذلك في الصوفي أن نسأله عن تلك الأعمال إن كان عالما بالفقه كالجنيد وغيره رحمهم الله .
ولكن هؤلاء الرجال النابتة لا يفعلون ذلك فصاروا متبعين الرجال من حيث هم رجال لا من حيث هم راجحون بالحاكم الحق وهو خلاف ما عليه السلف الصالح وما عليه المتصوفة أيضا إذ قال إمامهم سهل بن عبد الله التستري : مذهبنا مبني على ثلاثة أصول : الاقتداء بالنبي A في الأخلاق والأفعال والأكل من الحلال وإخلاص النية في جميع الأعمال ولم يثبت في طريقهم اتباع الرجال على انحراف وحاشاهم من ذلك بل اتباع الرجال شأن أهل ا لضلال