فصل النوع الثالث أي من مناشئ الإبتداع وهو تحسين الظن بالعقل أن الله جعل للعقول في إدراكها حدا .
النوع الثالث : .
أن الله جعل للعقول في إداركها حدا تنتهي إليه لا تتعداه ولم يجعل لها سبيلا إلى الإدراك في كل مطلوب ولو كانت كذلك لاستوت مع الباري تعالى في إدراك جميع ما كان وما يكون وما لا يكون إذ لو كان كيف كان يكون ؟ فمعلومات الله لا تتناهى ومعلومات العبد متناهية والمتناهي لا يساوي ما لا يتناهى .
وقد دخل في هذه الكلية ذوات الأشياء جملة وتفصيلا وصفاتها وأحوالها وأفعالها وأحكامها جملة وتفصيلا فالشيء الواحد من جملة الأشياء يعلمه الباري تعالى على التمام والكمال بحيث لا يعزب عن علمه مثقال ذرة لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أحواله ولا في أحكامه بخلاف العبد فإن علمه بذلك الشيء قاصر ناقص سواء كان في تعقل ذاته أو صفاته أو أحواله أو أحكامه وهو في الإنسان أمر مشاهد محسوس لا يرتاب فيه عاقل تخرجه التجربة إذا اعتبرها الإنسان في نفسه