السادس قول من قال في قوله A لا تسبوا الدهر أن فيه مذهب الدهرية .
والسادس : قول من قال في قول النبي A : [ لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر ] إن هذا الذي في الحديث هو مذهب الدهرية ولم يعرف أن المعنى : لا تسبوا الدهر إذا أصابتكم المصائب ولا تنسبوها إليه فإن الله هو الذي أصابكم بذلك لا الدهر فإنكم إذا سببتم الدهر وقع السب على الفاعل لا على الدهر لأن العرب كان من عادتها في الجاهلية أن تنسب الأفعال إلى الدهر فتقول : أصابه الدهر في ماله ونابته قوارع الدهر ومصائبه فينسبون إلى كل شيء تجري به أقدار الله تعالى عليهم إلى الدهر فيقولون : لعن الله الدهر ومحا الله الدهر واشباه ذلك وإنما يسبونه لأجل الفعال المنسوبة إليه فكأنهم إنما سبوا الفاعل والفاعل هو الله وحده فكأنهم يسبونه سبحانه وتعالى .
فقد ظهر بهذه الأمثلة كيف يقع الخطأ في العربية في كلام الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه A وأن ذلك يؤدي إلى تحريف الكلم عن مواضعه والصحابة رضوان الله عليهم برآء من ذلك لأنهم عرب لم يحتاجوا في فهم كلام الله تعالى إلى أدوات ولا تعلم ثم من جاء بعدهم ممن ليس بعربي اللسان تكلف ذلك حتى علمه وحينئذ داخل القوم في فهم الشريعة وتنزيلها على ما ينبغي فيها كسلمان الفارسي وغيره فكل من اقتدى بهم في تنزيل الكتاب والسنة على العربية ـ إن أراد أن يكون من أهل الاجتهاد فهو ـ إن شاء الله ـ داخل في سوادهم الأعظم كائن على ما كانوا عليه فانتظم في سلك الناجية