المسألة الثانية ومن جملة التأويلات البعيدة .
ما يقوله أصحاب أبي حنيفة في قوله A في أربعين شاة شاة من أن المراد به مقدار قيمة الشاة وذلك لأن قوله في أربعين شاة شاة قوي الظهور في وجوب الشاة عينا حيث إنه خصصها بالذكر ولا بد في ذلك من إضمار حكم وهو إما الندب أو الوجوب وإضمار الندب ممتنع لعدم اختصاص الشاة الواحدة من النصاب به فلم يبق غير الواجب .
ولا يخفى أنه يلزم من تأويل ذلك بالحمل على وجوب مقدار قيمة الشاة بناء على أن المقصود إنما هو دفع حاجات الفقراء وسد خلاتهم جواز دفع القيمة وفيه رفع الحكم وهو وجوب الشاة بما استنبط منه من العلة وهي دفع حاجات الفقراء واستنباط العلة من الحكم إذا كانت موجبة لرفعه كانت باطلة .
ومما يلتحق من التأويلات بهذا التأويل ما يقوله بعض الناس في قوله تعالى { إنما الصدقات للفقراء والمساكين } ( 9 ) التوبة 60 ) الآية من جواز الاقتصار على البعض نظرا إلى أن المقصود من الآية إنما هو دفع الحاجة في جهة من الجهات المذكورة لا دفع الحاجة عن الكل لأن الآية ظاهرة في استحقاق جميع الأصناف المذكورة للصدقة حيث إنه أضافها إليهم بلام التمليك في عطف البعض على البعض بواو التشريك وما استنبط من هذا الحكم من العلة يكون رافعا لحكم المستنبط منه فلا يكون صحيحا .
وما يقال من أن مقصود الآية إنما هو بيان مصارف الزكاة وشروط الاستحقاق فنحن وإن سلمنا كون ذلك مقصودا من الآية فلا نسلم أنه لا مقصود منها سواه ولا منافاة بين كون ذلك مقصودا وكون الاستحقاق بصفة