وقوله تعالى { لتبين للناس ما نزل إليهم } ( 16 ) النحل 44 ) مما لا يمنع من كونه مبينا لما ورد على لسانه من السنة بسنة أخرى كما ذكرناه في تخصيص الكتاب بالكتاب .
المسألة الرابعة يجوز تخصيص عموم السنة بخصوص القرآن .
عندنا وعند أكثر الفقهاء والمتكلمين .
ومنهم من منع من ذلك ودليله العقل والنقل .
أما النقل فقوله تعالى { وأنزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء } ( 16 ) النحل 89 ) وسنة رسول الله A من الأشياء فكانت داخلة تحت العموم إلا انه قد خص في البعض فيلزم العمل به في الباقي .
وأما المعقول فما ذكرناه في تخصيص الكتاب بالكتاب .
فإن قيل الآية معارضة بقوله تعالى { لتبين للناس ما نزل إليهم } ( 16 ) النحل 44 ) ووجه الاحتجاج به أنه جعل النبي A مبينا للكتاب المنزل وذلك إنما يكون بسنته .
فلو كان الكتاب مبينا للسنة لكان المبين بالسنة مبينا لها وهو ممتنع .
وأيضا فإن المبين أصل والبيان تبع له ومقصود من أجله فلو كان القرآن مبينا للسنة لكانت السنة أصلا والقرآن تبعا وهو محال .
وجواب الآية أنه لا يلزم من وصف النبي A بكونه مبينا لما أنزل امتناع كونه مبينا للسنة بما يرد على لسانه من القرآن إذ السنة أيضا منزلة على ما قال تعالى { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى } ( 53 ) النجم 3 ) غير أن الوحي منه ما يتلى فيسمى كتابا ومنه ما لا يتلى فيسمى سنة وبيان أحد المنزلين بالآخر غير ممتنع .
وما ذكروه من المعنى فغير صحيح فإن القرآن لا بد وأن يكون مبينا