كان النهي مقتضيا للصحة لكان تخلف الصحة مع وجود النهي على خلاف الدليل وهو خلاف الأصل وسواء كان لمعارض أو لا لمعارض .
فإن قيل إذا نهى الشرع عن صوم يوم النحر وعن الصلاة في الأوقات والأماكن المكروهة وعن بيع الربا فالأصل تنزيل لفظ الصلاة والصوم والبيع على عرف الشارع وعرف الشارع في ذلك إنما هو الفعل المعتبر في حكمه شرعا فلو لم يكن التصرف المنهي عنه كذلك لما كان هو التصرف الشرعي وهو ممتنع .
قلنا أولا لا نسلم وجود عرف الشرع في هذه الأسماء لما سبق وإن سلمنا أن له عرفا لكن في طرف الأوامر أو النواهي الأول مسلم والثاني ممنوع .
وعلى هذا فالنهي إنما هو عن التصرف اللغوي دون الشرعي وإن سلمنا عرف الشارع في هذه الأسماء ولكن لا نسلم أن عرفه فيها ما ذكروه بل ما هو بحال يصح ويمكن صحته ويجب الحمل على ذلك جمعا بين الأدلة ولا يلزم من كون التصرف ممكن الصحة وقوع الصحة كيف وإن ما ذكروه منتقض بما ذكرناه من المناهي مع انتفاء الصحة عن منهياتها .
المسألة الثالثة اتفق العقلاء على أن النهي عن الفعل يقتضي .
الانتهاء عنه دائما خلافا لبعض الشاذين .
ودليل ذلك أنه لو قال السيد لعبده لا تفعل كذا وقدرنا نهيه مجردا عن جميع القرائن فإن العبد لو فعل ذلك في أي وقت قدر يعد مخالفا لنهي سيده ومستحقا للذم في عرف العقلاء وأهل اللغة .
ولو لم يكن النهي مقتضيا للتكرار والدوام لما كان كذلك .
فإن قيل لا خفاء بأن النهي قد يرد ويراد به الدوام كما في النهي عن الربا وشرب الخمر ونحوه وقد يرد ولا يراد به الدوام كما في نهي الحائض عن الصوم والصلاة ونحوه والصورتان مشتركتان في طلب ترك الفعل لا غير