المسألة الثامنة إذا وردت صيغة افعل .
بعد الحظر فمن قال إنها للوجوب قبل الحظر اختلفوا فمنهم من أجراها على الوجوب ولم يجعل لسبق الحظر تأثيرا كالمعتزلة ومنهم من قال بأنها للإباحة ورفع الحجر لا غير وهم أكثر الفقهاء ومنهم من توقف كإمام الحرمين وغيره .
والمختار أنها وإن كانت ظاهرة في الطلب والاقتضاء وموقوفة بالنسبة إلى الوجوب والندب على ما سبق تقرير كل واحد من الأمرين إلا أنها محتملة للإباحة والإذن في الفعل كما تقدم .
فإذا وردت بعد الحظر احتمل أن تكون مصروفة إلى الإباحة ورفع الحجر كما في قوله تعالى { وإذا حللتم فاصطادوا } ( 5 ) المائدة 2 ) { وإذا طعمتم فانتشروا } ( 33 ) الأحزاب 53 ) { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا } ( 62 ) الجمعة 10 ) وقوله A كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فادخروا واحتمل أن تكون مصروفة إلى الوجوب كما لو قيل للحائض والنفساء إذا زال عنك الحيض فصلي وصومي .
وعند هذا فإما أن يقال بتساوي الاحتمالين أو بترجيح أحدهما على الآخر .
فإن قيل بالتساوي امتنع الجزم بأحدهما ووجب التوقف .
وإن قيل بوجوب الترجيح وامتناع التعارض من كل وجه فليس اختصاص الوجوب به أولى من الإباحة إلا أن يقوم الدليل على التخصيص والأصل عدمه .
وعلى هذا أيضا فيجب التوقف كيف وأن احتمال الحمل على الإباحة أرجح نظرا إلى غلبة ورود مثل ذلك للإباحة دون الوجوب .
وعلى كل تقدير فيمتنع الصرف إلى الوجوب