المسألة الخامسة إذا قال الصحابي كنا نفعل كذا .
وكانوا يفعلون كذا وذلك كقول عائشة كانوا لا يقطعون في الشيء التافه وكقول إبراهيم النخعي كانوا يحذفون التكبير حذفا فهو عند الأكثرين محمول على فعل الجماعة دون بعضهم خلافا لبعض الأصوليين .
ويدل على مذهب الأكثرين أن الظاهر من الصحابي أنه إنما أورد ذلك في معرض الاحتجاج وإنما يكون ذلك حجة إن لو كان ما نقله مستندا إلى فعل الجميع لأن فعل البعض لا يكون حجة على البعض الآخر ولا على غيرهم فإن قيل لو كان ذلك مستندا إلى فعل الجميع لكان إجماعا ولما ساغ مخالفته بطريق الاجتهاد فيه وحيث سوغتم ذلك دل على عوده إلى البعض دون الكل .
قلنا تسويغ الاجتهاد فيه إنما كان لأن إضافة ذلك إلى الجميع وقع ظنا لا قطعا وذلك كما يسوغ الاجتهاد فيما يرويه الواحد من الألفاظ القاطعة في الدلالة عن النبي A لما كان طريق اتباعه ظنيا وإن كان لا يسوغ فيه الاجتهاد عندما إذا ثبت بطريق قاطع وأما إن كان الراوي غير صحابي فمستنده في الرواية إما قراءة الشيخ لما يرويه عنه أو القراءة على الشيخ أو إجازة الشيخ له أو أن يكتب له كتابا بما يرويه عنه أو يناوله الكتاب الذي يرويه عنه أو أن يرى خطا يظنه خط الشيخ بأني سمعت عن فلان كذا .
فإن كان مستنده في الرواية قراءة الشيخ فإما أن يكون الشيخ قد قصد إسماعه بالقراءة أو لم يقصد إسماعه بطريق من الطرق فإن قصد إسماعه بالقراءة أو مع غيره فهذا هو أعلى الرتب في الرواية وللراوي عنه أن يقول حدثنا وأخبرنا وقال فلان وسمعته يقول كذا وإن لم يقصد إسماعه فليس له أن يقول حدثنا وأخبرنا لأنه يكون