والجواب عن الخبر ما سبق في المسألة التي قبلها .
وعن الإجماع أنا لا نسلم أن كل من قبل شهادة الخوارج وقتلة عثمان كانوا يعتقدون فسقهم فإن الخوارج من جملة المسلمين والصحابة ولم يكونوا معتقدين فسق أنفسهم .
ومع عدم اعتقاد الجميع لفسقهم وإن قبلوا شهادتهم فلا يتحقق انعقاد الإجماع على قبول خبر الفاسق .
وعن القياس بالفرق في الأصول المستشهد بها .
أما في العدل فلظهور عدالته واستحقاقه لمنصب الشهادة والرواية .
وذلك يناسب قبوله إعظاما له وإجلالا بخلاف الفاسق .
وأما في مظنون الفسق فلأن حاله في استحقاق منصب الشهادة والرواية أقرب من حال من كان فسقه مقطوعا به فلا يلزم من القبول ثم القبول هاهنا .
المسألة الثالثة اختلفوا في الجرح والتعديل .
هل يثبت بقول الواحد أو لا فذهب قوم إلى أنه لا بد في التعديل والجرح من اعتبار العدد في الرواية والشهادة .
وذهب آخرون إلى الاكتفاء بالواحد فيهما وهو اختيار القاضي أبي بكر .
والذي عليه الأكثر إنما هو الاكتفاء بالواحد في باب الرواية دون الشهادة وهو الأشبه .
وذلك لأنه لا نص ولا إجماع في هذه المسألة يدل على تعيين أحد هذه المذاهب .
فلم يبق غير التشبيه والقياس .
ولا يخفى أن العدالة شرط في قبول الشهادة والرواية والشرط لا يزيد في إثباته على مشروطه فكان إلحاق الشرط بالمشروط في طريق إثباته أولى من إلحاقه بغيره .
وقد اعتبر العدد في قبول الشهادة دون قبول الرواية فكان الحكم في شرط كل واحد منهما ما هو الحكم في مشروطه