وخبر الواحد فيما تعم به البلوى ليس بحجة عند أبي حنيفة فالإجماع من الفريقين على أنه ليس بحجة .
والذي يدل على ضعفه أن النبي عليه السلام كان قد ولاه القضاء وذلك لا يكون إلا بعد معرفة اشتمال معاذ على معرفه ما به يقضي .
فالسؤال عما علم لا معنى له .
وأيضا فإنه وقف العمل بالرأي على عدم وجدان الكتاب والسنة ووقف العمل بالسنة على عدم وجدان الكتاب .
والأول على خلاف قوله تعالى { ما فرطنا في الكتاب من شيء } ( الأنعام 38 ) .
وعلى خلاف قوله { ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين } ( الأنعام 59 ) والثاني على خلاف الدليل الدال على جواز نسخ الكتاب وتخصيصه بالسنة .
سلمنا صحته وأنه حجة غير أن اجتهاد الرأي أعم من القياس وذلك لأن اجتهاد الرأي كما يكون بالقياس قد يكون بالاجتهاد في الاستدلال بخفي النصوص من الكتاب والسنة وطلب الحكم فيهما على التمسك بالبراءة الأصلية ولفظه غير عام في كل رأي فلا يكون حمله على اجتهاد الرأي بالقياس أولى من غيره .
سلمنا أن المراد به اجتهاد الرأي بالقياس غير أن القياس ينقسم إلى ما علته منصوصة أو مومى إليها وإلى ما علته مستنبطة بالرأي واللفظ أيضا مطلق وقد عملنا به في القياس الذي علته منصوصة على ما قاله النظام .
سلمنا أنه حجة مطلقا في كل قياس ولكن قبل إكمال الدين أو بعده على ما قال تعالى { اليوم أكملت لكم دينكم } ( المائدة 3 ) الأول مسلم والثاني ممنوع .
وذلك أن إكمال الدين إنما يكون باشتمال الكتاب والسنة على تعريف كل ما لا بد من معرفته .
وعلى هذا فالقياس لا حاجة إليه بعد ذلك .
وبتقدير كونه حجة مطلقا لكن فيما تعبد في إثباته بالظن لا باليقين .
والقياس ليس من هذا الباب