خلاف بينهم أن العظم لا نسبة بينه وبين اللحم ولا يجوز أن يقاس عليه ونحن وهم مجمعون على أن من سحق عظم الخنزير فاستفه فقد عصى الله تعالى فصح ضرورة أنه لم يحرم شحمه قياسا على لحمه ولا أنثاه قياسا على ذكره وبطل تمويههم والحمد لله .
وإنما حرم شحم الخنزير وغضروفه ودماغه ومخه وعصبه وعروقه وجلده وشعره وعظمه وعضله وسنه وظلفه وملكه والأنثى منه ولبنها بقول الله تعالى { قل لا أجد في مآ أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير لله به فمن ضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم } والضمير في لغة العرب راجع إلى أقرب مذكور .
وقد أفردنا لذلك بابا في كتابنا هذا وأقرب مذكور إلى الضمير الذي في { يأيها لذين آمنوا إنما لخمر ولميسر ولأنصاب ولأزلام رجس من عمل لشيطان فجتنبوه لعلكم تفلحون } هو الخنزير لا اللحم فالخنزير كله بالنص رجس والرجس كله خبيث محرم بقول الله تعالى { يأيها لذين آمنوا إنما لخمر ولميسر ولأنصاب ولأزلام رجس من عمل لشيطان فجتنبوه لعلكم تفلحون } فرجع الضمير في قوله تعالى إلى الرجس لأنه تعالى لو أراد الأربعة المذكورة في أول الآية لقال فاجتنبوها فلما لم يقل تعالى ذلك ولم يجز أن يكون الضمير راجعا في قوله تعالى { يأيها لذين آمنوا إنما لخمر ولميسر ولأنصاب ولأزلام رجس من عمل لشيطان فجتنبوه لعلكم تفلحون } إلى الشيطان .
لأننا غير قادرين على اجتنابه صح ضرورة أنه راجع إلى الرجس وعمل الشيطان فكان الرجس كله محرما وهو من عمل الشيطان محرم مأمور باجتنابه فكل ما كان رجسا فهو باجتنابه والخنزير رجس فكله محرم مأمور باجتنابه وكذلك الخمر والميسر والأنصاب والأزلام وكل رجس بالنص المذكور وبالله تعالى التوفيق .
وإنما قلنا هذا حسما للأقوال وإنما فالضمير راجع إلى عمل الشيطان والرجس بنص الآية من عمل الشيطان فهو مأمور باجتنابه بيقين والخنزير رجس بنص القرآن والخنزير كله حرام والخنزير في لغة العرب التي بها خوطبنا اسم للجنس يقع تحته الذكر والأنثى والصغير والكبير فبطل ما ظنوا أن تحريم الشحم إنما هو جهة القياس وبالله تعالى التوفيق .
ثم نقول لهم أخبرونا عن قول الله تعالى { قل لا أجد في مآ أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير لله به فمن ضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم } ماذا أراد به عندكم اللحم وحده دون الشحم فإن قلتم ذلك فقد أباح الشحم على قولكم وهذا خلاف الإسلام وخلاف قولكم أم أراد به الشحم واللحم والعظم