والحقيقة بلا شك فيها فلو كان القياس حقا لكان قياس قاذف الرجل في إيجاب الحد عليه على قاذف المرأة باطلا متيقنا لا يجوز الحكم به أصلا فارتفع توهمهم جملة والحمد لله رب العالمين .
ومن أوضح برهان على أن حد قاذف الرجل ليس عن قياس على قاذف المرأة بالزنى أن بعد أمر الله بجلد قاذف المحصنات بسطر واحد فقط قوله تعالى { ولذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهدآء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بلله إنه لمن لصادقين } الآيات .
فلا خلاف بين أحد من الأمة أنه لا يقاس قاذفة زوجها أن تلاعن على قاذف زوجته أن يلاعن فلو كان القياس حقا لما كان قياس قاذف الرجل على قاذف المرأة أن يجلد الحد أولى ولا أصح من قياس قاذف زوجته أن تلاعنه أيضا ولا يجد أحد فرق بين الأمرين أصلا فصح أن القياس باطل إذ لو كان حقا لاستعمله الناس في الملاعنة وصح أن جلد قاذف الرجل ليس عن قياس وأنه عن نص كما ذكرنا وبالله التوفيق .
واحتج بعضهم بقول الله تعالى { هو لذي أنزل عليك لكتاب منه آيات محكمات هن أم لكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه بتغاء لفتنة وبتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا لله ولراسخون في لعلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا لألباب } .
قال أبو محمد وجمجم هذا المحتج ولم يصرح على ههنا أشياء من القرآن مفتقرة إلى القياس .
قال أبو محمد وهذا كلام يسيء الظن بمعتقد قائله ولا قول أسوأ من قول من قال إن الله تعالى شبه على عباده فيما أراد منهم وفيما كلفهم وإن رسول الله A لم يبين تلك الأشياء وتركها مهملة واحتاجوا فيها إلى قياسهم الفاسد .
وقد بينا الكلام في باب مفرد في ديواننا هذا وأخبرنا أنه لا يحل لأحد أن يتبع متشابه القرآن ولا أن يطلب معنى ذلك المتشابه وليس إلا الإقرار به وأنه من عند الله تعالى كما قال D في آخر الآية المذكورة { هو لذي أنزل عليك لكتاب منه آيات محكمات هن أم لكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه بتغاء لفتنة وبتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا لله ولراسخون في لعلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا لألباب } وأخبر تعالى فيها فقال { هو لذي أنزل عليك لكتاب منه آيات محكمات هن أم لكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه بتغاء لفتنة وبتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا لله ولراسخون في لعلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا لألباب } فنص تعالى على أن من طلب تأويل المتشابه فهو زائغ القلب مبتغي فتنة