قال أبو محمد وهذه كالتي قبلها وما يعقل أحد من إحياء الله D الطير قياسا ولا أنه يوجب أن يكون الأرز بالأرز متفاضلا حراما وأن الاحتجاج بمثل هذا مما ينبغي المسلم أن يخاف الله D فيه وما بين هذا وبين من احتج في إثبات القياس وفي إبطاله بقول الله تعالى { قل أعوذ برب لناس } فرق ولكن من لم يبال بما تكلم سهلت عليه الفضائح وليس العار عارا عند من يقلده واحتجوا بقول الله تعالى { مثل ما ينفقون في هذه لحياة لدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم لله ولكن أنفسهم يظلمون } وبقوله تعالى { كأنهن لياقوت ولمرجان } .
قال أبو محمد وهذا من نحو ما أوردناه آنفا من العجائب المدهشة بينما نحن في تحريم شيء لم يذكر تحريمه في القرآن والسنة ولا في الإجماع من أجل شبهه لشيء آخر حرم في النص حتى خرجنا إلى تشبيه الحور العين بالياقوت والمرجان فكل ذي عقل يدري أن الياقوت والمرجان يباع ويدق ويسرق ويخرج من البحر الملح وأنه لا يعقل ولا هو حيوان أفترى الحور العين يفعل بهن هذا كله تعالى الله عن ذلك وقد علم كل مسلم أن الحور العين عاقلات أحياء ناطقات يوطأن ويأكلن ويشربن فهل الياقوت والمرجان كذلك وإنما شبه الله تعالى الحور العين بالياقوت والمرجان في الصفاء فقط ونحن لا ننكر تشابه الأشياء وإنما ننكر أن نحكم المتشابهات بحكم واحد في الشريعة بغير نص ولا إجماع فهذا هو الزور والإفك والضلال وأما تشابه الأشياء فحق يقين .
وكذلك شبه الله تعالى بطلان أعمال الكفار ببطلان الزرع بالريح التي فيها الصر فأي مدخل للقياس ههنا أترى من بطل زرعه خالدا في جهنم كما يفعل بالكافر أو ترى الكافر إذا حبط عمله ذهب زرعه في فدانه كما يذهب زرع من أصاب زرعه ريح فيها صر هذا ما لا يقوله أحد ممن له طباخ .
وأما الحقيقة فإن هاتين الآيتين تبطلان القياس إبطالا صحيحا لأن الله تعالى مثل الحور العين بالياقوت والمرجان ومثل أعمال الكفار بزرع أصابته ريح فيها صر .
ولم يكن تشبيه الحور بالياقوت والمرجان يوجب للياقوت والمرجان الحكم أحكام الحور العين ولا للحور العين الحكم بأحكام الياقوت والمرجان ولا كان شبه عمل الكفار