أحدهما اسم سمع من العرب والعرب لا تعرف القياس في الأحكام في جاهليتها لأنهم لم يكن لهم شريعة كتابية قبل محمد A فبطل أن يكون للقياس عندهم اسم .
والقسم الثاني اسم شرعي أوقعه الله تعالى ورسوله A على بعض أحكام الشريعة كالصلاة والزكاة والإيمان والكفر والنفاق وما أشبه ذلك وتعالى الله ورسوله عن أن يقيسا فبطل أن يكون الله تعالى ورسوله A سميا القياس عبرة فهذان القسمان من الأسماء لازمان لكل متكلم بهذه اللغة ولكل مسلم وأما الأسماء التي يتفق عليها أقوام من الناس التفاهم في مرادهم فلذلك لهم مباح بإجماع إلا أنهم ليس لهم أن يلبسوا بذلك على الناس .
وهم في أعظم إثم وحرج إن سموا ما يخالفهم فيه غيرهم باسم واقع على معنى حقيقي ليلزموا خصومهم قبول ما خالفهم فيه تمويها على الضعفاء وعدوانا كمن سمى الخمر عسلا يستحلها بذلك لأن العسل حلال فبطل أن يسمي القياس عبرة أو اعتبارا وعلمنا أن أصحاب القياس الذي أحدثوا هذه البدعة هم الذين أحدثوا له هذا الاسم كما أنذر النبي A بقوم يأتون في آخر الزمان يسمون الخمر بغير اسمها ليستحلوها بذلك فقد فعل أصحاب القياس ذلك بعينه وسموا الباطل عبرة واعتبارا لهم ليصبح لهم باطلا بذلك لأن العبرة حق { يريدون أن يطفئوا نور لله بأفواههم ويأبى لله إلا أن يتم نوره ولو كره لكافرون } وبالله تعالى التوفيق .
واحتجوا بآبدة أنست ما قبلها وهو أن بعضهم استدل على صحة القياس بقول الله تعالى واصفا لأمر آدم عليه السلام إذ تكشفت عورته عند أكل الشجرة فقال تعالى { فدلاهما بغرور فلما ذاقا لشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق لجنة وناداهما ربهمآ ألم أنهكما عن تلكما لشجرة وأقل لكمآ إن لشيطآن لكما عدو مبين } .
قال أبو محمد إنما شرطنا أن نتكلم فيما يعقل وأما الهذيان فلسنا منه في شيء ولا ندري وجه القياس في تغطية آدم عورته بورق الجنة وليت شعري لو قال لهم خصمهم مجاوبا لهم بهذا الهذيان إن هذه حجة في إبطال القياس بماذا كانوا ينفكون منه وهل كان يكون بينه وبينهم فرق .
واحتجوا أيضا بقول الله تعالى حاكيا عن إبراهيم عليه السلام إذ قال { إن لله لا يستحى أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما لذين آمنوا فيعلمون أنه لحق من ربهم وأما لذين كفروا فيقولون ماذآ أراد لله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا لفاسقين }