ومن أنكر هذا علينا من الشافعيين والمالكيين فليتفكروا في قولهم في قول النبي A ومن تولى رجلا بغير إذن مواليه فيلزمهم أن يبيحوا له تولي غير مواليه بإذنهم وهذا قول عطاء وغيره وهم يأبون ذلك ومثل هذا من تناقضهم كثير .
فصل في إبطال دعواهم في دليل الخطاب .
قال أبو محمد والمفهوم من الخطاب هو أن التأكيد إذا ورد فإنه رفع للشغب وحسم لظن من ظن أن الكلام ليس على عمومه وقد ضل قوم في قوله تعالى { فسجد لملائكة كلهم أجمعون } فقالوا إن حملة العرش ومن غاب عن ذلك المشهد لم يسجد .
قال أبو محمد ويكفي من إبطال هذا الجنون قوله تعالى { مآ أشهدتهم خلق لسماوات ولأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ لمضلين عضدا } فليت شعري من أين استحلوا أن يقولوا إن أحدا من الملائكة لم يسجد مع قوله تعالى { فسجد لملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى أن يكون مع لساجدين } ومثل هذا من الإقدام يسيء الظن بمعتقد قائله إذ ليس فيه إلا رد قول الله تعالى بالميت .
وقد رام بعض الشافعيين أن يجعل قول الله تعالى { فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على لناس حج لبيت من ستطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن لله غني عن لعالمين } بعد قوله تعالى { فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على لناس حج لبيت من ستطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن لله غني عن لعالمين } من استطاع إليه على معنى أن ذلك ليس بيانا للذين ألزموا الحج ولا على أنه موافق لقوله تعالى { لا يكلف لله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما كتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينآ أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينآ إصرا كما حملته على لذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به وعف عنا وغفر لنا ورحمنآ أنت مولانا فنصرنا على لقوم لكافرين } وقال إن هذا خطاب فائدة أخرى موجب أن الاستطاعة من غير قوة .
قال أبو محمد ولسنا نأبى أن تكون الاستطاعة أيضا شيئا غير القوة للجسم لكننا نقول إن الاستطاعة كل ما كان سببا إلى تأدية الحج من زاد وراحلة وقوة جسم ولا نقول كما قال المالكيون إن الاستطاعة هي قوة الجسم فقط وإن من عدمها وقدر على زاد وراحلة فهو غير مستطيع ولا كما قال الشافعيون إنما الاستطاعة إنما هي الزاد والراحلة فقط وأن قوة الجسم ليست استطاعة بل نقول