وأما من قال لا صلاة لمن لم يقرأ و لا صيام لمن لن يبيته من الليل إنما معناه لا صلاة كاملة فهذه دعوى لا دليل عليها وأيضا فلو صح قولهم لكان عليهم لا لهم لأن الصلاة إذا لم تكن كاملة فهي بعض صلاة وبعض الصلاة لا تقبل إذا لم تتم كما أن صيام بعض يوم لا يقبل حتى يتم اليوم فإن قال إنما معناه أنها صلاة كاملة إلا أن غيرها أكمل منها فهذا تمويه لأن الصلاة إذا تمت بجميع فرائضها فليس غيرها أكمل منها في أنها صلاة ولكن زادت قراءته وتطويله الذي لو تركه لم يضر ولا سميت صلاته دون ذلك ناقصة وقد أمر تعالى بإتمام الصيام وإقامة الصلاة فمن لم يقمها ولا أتم صيامه فلم يصل ولا صام لأنه لم يأت بما أمر به وإنما فعل غير ما أمر به والناقص غير التام .
وقد قال A من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وليس هذا مما يكتفى به في إقامة الصلاة وإتمام الصيام فقط لكن كل ما جاءت به الشريعة زائدا أبدا ضم إلى هذا .
ومن العجب العجيب أن قوما لم يبطلوا الصلاة بما أبطلها به A من عدم القراءة لأم القرآن ومن ترك إقامة الأعضاء في الركوع والسجود ومن فساد الصفوف وأبطلوها بما لم يبطلها به الله تعالى ولا رسوله A من وقوف الإمام في موضع أرفع من المأمومين ومن اختلاف نية الإمام والمأموم .
ثم فعلوا مثل ذلك في الصيام فلم يبطلوه بما أبطله به الله تعالى من عدم النية في كل ليلة ومن الغيبة والكذب ثم أبطلوه بما لم يبطله به الله تعالى من الأكل ناسيا ومن الحقنة ومن الكحل بالعقاقير فقلبوا الديانة كما ترى وحرموا الحلال وأحلوا الحرام وبالله تعالى نعوذ من الخذلان وإياه نسأل التوفيق لا إله إلا هو .
قال أبو محمد وكذلك نقول في حديث أبي ذر Bه فيما يقطع الصلاة فذكر الكلب الأسود وأنه سأل النبي A ما بال الأسود من الأحمر من الأصفر من الأبيض فقال A الكلب الأسود شيطان فليس في هذا الحديث أن سائر الكلاب لا تقطع الصلاة ولا أنها تقطع فلما ورد حديث أبي هريرة عن النبي A تقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب كان هذا عموما لكل كلب وهو قول أنس وابن عباس وغيرهما