تعالى { وما من دآبة في لأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في لكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون } فمما أمرنا فيه تعالى باستعمال دلائل العقل والحواس قوله تعالى { ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم لسمع ولأبصار ولأفئدة قليلا ما تشكرون } وصدق الله تعالى ما شكره من إبطال دلائل سمعه وبصره وعقله وقال تعالى { ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين وهديناه لنجدين } .
وذم تعالى من لم يستعمل دلائلها فقال حاكيا عن قوم معذبين ولإعراضهم عن الاستدلال المؤدي الى معرفة الحقائق قال الله تعالى { ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من لجن ولإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بهآ أولئك كلأنعام بل هم أضل أولئك هم لغافلون ولله لأسمآء لحسنى فدعوه بها وذروا لذين يلحدون في أسمآئه سيجزون ما كانوا يعملون } إلى قوله { ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من لجن ولإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بهآ أولئك كلأنعام بل هم أضل أولئك هم لغافلون ولله لأسمآء لحسنى فدعوه بها وذروا لذين يلحدون في أسمآئه سيجزون ما كانوا يعملون } وقال تعالى حاكيا عن مثلهم { وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب لسعير } فصدقهم الله D في قولهم ذلك فقال تعالى { فعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب لسعير } وقال تعالى { ولقد مكناهم فيمآ إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فمآ أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات لله وحاق به ما كانوا به يستهزئون } فذم تعالى من لم ينتفع بما أعطاه من الحواس والعقل .
قال أبو محمد أترى هؤلاء المقرين على أنفسهم أنهم كانوا لا يسمعون ولا يعقلون ولو سمعوا أو عقلوا ما دخلوا النار أكانت صمخ آذانهم ذات آفات مانعة من تأدية الأصوات أو كانوا جاهلين بأمور دنياهم وأحكام حرثهم وغراستهم والقيام على مواشيهم ونفقات أموالهم وإنمائها وبنيان منازلهم وعمارة بساتينهم وتدبير متاجرهم وصناعاتهم وحفظ أموالهم وطلب الجاه والرياسة كلا والذي عذبهم