الباب الخامس عشر في الاستثناء .
قال علي قد بينا في باب الأخبار وفي باب العموم والخصوص كيفية الاستثناء ونحن الآن متكلمون إن شاء الله D بتأييده لنا في ماهية الاستثناء وأنواعه فنقول وبالله تعالى التوفيق إن الاستثناء هو تخصيص بعض الشيء من جملته أو إخراج شيء ما مما أدخلت فيه شيء آخر إلا أن النحويين اعتادوا أن يسموا بالاستثناء ما كان من ذلك بلفظ حاشا وخلا وإلا وما لم يكن وما عدا وما سوى وأن يجعلوا ما كان خبرا من خبر كقولك اقتل القوم ودع زيدا مسمى باسم التخصيص لا استثناء وهما في الحقيقة سواء على ما قدمنا .
قال علي واختلفوا في نحو من أنحاء الاستثناء فقالت طائفة لا يجوز أن يستثنى الشيء من غير جنسه أو نوعه المخبر عنه وقالت طائفة جائز أن يستثنى الشيء من غير جنس أو المخبر عنه وبكلا هذين القولين قالت طوائف من أصحابنا الظاهرين ومن إخواننا القياسيين .
قال علي ونحن نقول إن استثناء الشيء من غير جنسه ونوعه المخبر عنه جائز واسمه في العربية عند النحويين الاستثناء المنقطع وهو حينئذ ابتداء خبر آخر كقائل قال أتاني المسلمون إلا اليهود فهذا جائز كأنه قال إلا اليهود فإنهم لم يأتوني وهذا لا ينكره نحوي ولا لغوي أصلا إذا كان على الوجه الذي ذكرناه .
قال علي والبرهان القاطع في ذلك قوله تعالى { فسجد لملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس ستكبر وكان من لكافرين } وقال تعالى { وإذا قلنا للملائكة سجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من لجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أوليآء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا } فلم يدع تعالى للشك ههنا مجالا إلا بينه وأخبر أن إبليس كان من الجن وقد حمل التهور قوما راموا نصر مذهبهم ههنا فقالوا إن الملائكة يسمون جنا لاجتنانهم