قال علي فمن ذلك قول الله D { إنما الصدقات للفقرآء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم } الآية وقوله تعالى { كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين } فنقول إن الإمام القادر على استيعاب جميع مساكين المسلمين وفقرائهم وغازيتهم وسائر الأصناف المسماة ففرض عليه استيعابهم وأما من عجز عن ذلك فمن دونه فقد أجمعت الأمة بلا خلاف على أن له أن يقتصر على بعض دون بعض ودل على ذلك قوله A لزينب امرأة عبد الله بن مسعود إذ سألته أيجزي عني أن أتصدق على زوجي وولدي منه من الصدقة فقال عليه السلام نعم .
قال علي فبهذه النصوص صرنا إلى هذا الحكم والاستيعاب والعموم معناهما واحد وهذا كله من باب استعمال الظاهر والوجوب وقد رام قوم أن يفرقوا بين الاستيعاب والعموم وهذا خطأ ولا يقدرون على ذلك أبدا وقال هؤلاء القوم العموم لبعض ما يقع عليه الاسم عموم ذلك الجزء الذي عم به .
قال علي فيقال لهم وكذلك الاستيعاب لبعض ما يقع عليه الاسم استيعاب لذلك الجزء الذي استوعب به ولا فرق .
قال علي والجمع بلفظ المعرفة والنكرة سواء في اقتضاء الاستيعاب كقوله تعالى { قل انظروا ماذا في السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون } فهذا عموم لكل قوم لا يؤمنون وهو بلفظ النكرة كما ترى وقد ظن قوم أن الجمع إذا جاء بلفظ النكرة فإنه لا يوجب العموم فقالوا قولك جاء رجال لا يفهم منه العموم كما يفهم من قولك جاء الرجال .
قال علي وهذا ظن فاسد لا دليل عليه وإنما هو ألفه لما وقع في أنفسهم في عادات سواء استعملوها في تخاطبهم وبخلاف معهود اللغة في الحقيقة وقد أبطلنا ذلك بالآية التي ذكرنا آنفا وبالله تعالى التوفيق