وكذلك ما روي أنه عليه السلام أمر أبا بكر وعمر بقتل ذي الخويصرة فرجعا وقال أحدهما يا رسول الله A وجدته ساجدا وقال الآخر وجدته راكعا فهو خبر كاذب لم يأت قط من طريق خير وأما أمره عليه السلام بقتل ذلك الإنسان فيخرج على أحد وجهين إما أنه شهد عند النبي عليه السلام بذلك قوم عدول في الظاهر منافقون في الباطن كاذبون بأنهم سمعوه يقر بذلك فوجب عليه القتل لأذاه النبي A ففضح الله كذبهم وأما أنه تعالى أوحى إليه بالأمر بقتله وقد علم تعالى أنه سينسخ ذلك الأمر بإظهار براءته وكذب الناقل وكلا الأمرين وجه صحيح وبالله تعالى التوفيق .
قال علي فإذا قد ذكرنا كل ما شغبوا به فلنذكر إن شاء الله تعالى البراهين المصححة أن الأوامر كلها على الوجوب والنواهي كلها على التحريم إلا ما خرج منها بدليل ونقول قبل ذلك إنما لجأ إلى القول بالوقف وتعلق بهذه العوارض وسلك في هذه المضايق من بهر شعاع الحق عقله والتمع نور الله تعالى بصر قلبه وارتبك في غيه ناصرا لما قد ألفه من الأقوال الفاسدة وطمعا في إطفاء ما لا ينطفىء من ضياء الحق وإنما التزموا ذلك في مسائل يسيرة ثم تناقضوا فأوجبوا أحكاما كثيرة فرضا بنفس الأمر مما قد خالفهم فيها غيرهم وفعلت كل طائفة منهم مثل ما فعلت الأخرى .
قال أبو محمد فأول ذلك أنه لا يعقل أحد من أهل كل لغة أي لغة كانت من لفظة افعل أو اللفظة التي يعبر بها في كل لغة عن معنى افعل ولا يفهم منها أحد لا تفعل ولا يعقل أحد من لفظة لا تفعل أو مما يعبر به عن معنى لا تفعل ولا يفهم منها أحد افعل ومدعي هذا على اللغات وأهلها في أسوأ من حال الكهان وقد قال تعالى { قتل لخراصون } .
قال علي ويقال لهم بأي شيء تعرفون أن في الأوامر شيئا على الوجوب مما تقرون فيه أنه واجب فأجابوا عن ذلك بجوابين أحدهما إن قال بعضهم نعرف أن الأمر على الوجوب إذا اقترن معه وعيد .
وقال بعضهم لسنا نجدد دلائل الوجوب وهي أشياء تقترن بالأوامر التي يراد بها الإيجاب ولسنا نقدر على العبارة عنها