وشغب بعضهم بقول الله تعالى { يا أيها لذين آمنوا لا تحلوا شعآئر لله ولا لشهر لحرام ولا لهدي ولا لقلائد ولا آمين لبيت لحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا وإذا حللتم فصطادوا ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن لمسجد لحرام أن تعتدوا وتعاونوا على لبر ولتقوى ولا تعاونوا على لإثم ولعدوان وتقوا لله إن لله شديد آلعقاب } { فإذا قضيت لصلاة فنتشروا في لأرض وبتغوا من فضل لله وذكروا لله كثيرا لعلكم تفلحون } قالوا وهذا إباحة بلا شك فقلنا يجب عليكم إذا احتججتم بهذا أن تقولوا إن جميع الأوامر على الندب حتى يقوم دليل على الوجوب وهذا ليس قولهم وأما هاتان الآيتان فإنما خرجتا عن الوجوب إلى الإباحة ببرهان أما التصيد فإن النبي A حل بالطواف بالبيت وانحدر إلى منى ولم يصطد فصح أنه ليس فرضا بهذا النص الآخر وأما { فإذا قضيت لصلاة فنتشروا في لأرض وبتغوا من فضل لله وذكروا لله كثيرا لعلكم تفلحون } فإن عبد الله بن ربيع قال حدثنا عمر بن عبد الملك حدثنا ابن الأعرابي ثنا علي بن عبد العزيز ثنا القعنبي ثنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله A قال الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث اللهم اغفر له اللهم ارحمه .
قال أبو محمد فندبنا إلى القعود في مصلانا بعد الصلاة فصح بذلك أن الانتشار بعد الصلاة إباحة فمن جاءنا في شيء من الأوامر ببرهان ينقله عن الفرض إلى الندب وعن التحريم إلى الكراهية صرنا إليه وأما بالدعوة الكاذبة المحيلة للقرآن والسنن على موضوعها فمعاذ الله من ذلك .
واحتج على بعضهم بالخبر الثابت من طريق أنس أن رجلا اتهم بأم ولد رسول الله A فأمر النبي عليه السلام علي بن أبي طالب أن يقتله فأتاه فوجده في ركي يتبرد فأمره بالخروج فلما خرج فإذا هو مجبوب لا ذكر له فتركه وعاد إلى رسول الله A فأخبره وزاد بعض من لا يوثق به في هذا الخبر أن عليا قال له يا رسول الله أنفذ لأمرك كالسكة المحماة أم الشاهد يرى ما لا يرى الغائب فقال له بل الشاهد يرى ما لا يراه الغائب وقد ذكر هذا اللفظ أيضا في خبر بعثه عليه السلام عليا إلى خيبر وكلاهما لا يصح أصلا بل هما زيادتا كذب لم يرو قط من طريق فيها خير ويلزم من صححها أن يسقط من الصلاة ثلاث صلوات أو من كل صلاة ركعة إن رأى ذلك أصلح أو ينقل صوم رمضان إلى الربيع رفقا بالناس إذ الشاهد يرى ما لا يرى الغائب وأن يزيد في الحدود والزكاة أو ينقص منها وهذا كفر صريح فبطل التعلق بهذا اللفظ الموضوع