قال علي وأما نحن فإنما ملنا إلى استثناء الأسفار الواجبة والمندوب إليها من سائر الأسفار المباحة وأوجبنا على المرأة السفر إلى الحج والعمرة الواجبتين والتغريب وأبحنا لها التطوع بالعمرة والحج ومطالعة ما لها دون زوج ودون ذي محرم لقول رسول الله A البكر بالبكر جلد مائة وتغريب سنة ولقوله عليه السلام لا تمنعوا إماء الله مساجد الله فجاء النص كما ترى في النساء بأنه لا يحل منعهن عن المساجد ومكة من المساجد فكان هذا النص أقل معاني من حديث النهي عن سفر النساء جملة فوجب أن يكون مستثنى منه ضرورة وخرجنا إلى القسم الذي ذكرنا أولا وإلا صار المانع لهن عاصيا لهذا الحديث تاركا له بلا دليل .
قال علي وقد احتج للاستثناء الثاني بعض القائلين به بحديث فيه أنه عليه السلام لما نهى عن أن تسافر المرأة إلا مع زوج أو ذي محرم قال له رجل من الأنصار يا رسول الله إني اكتتبت في غزوة كذا وإن امرأتي خرجت حاجة فقال عليه السلام حج مع امرأتك .
قال علي وهذا الحديث حجة عليهم لأنه عليه السلام لم يلزمها الرجوع ولا أوقع عليها النهي عن الحج ولكنه عليه السلام أمر زوجها بالحج معها فكل زوج أبى من الحج مع امرأته فهو عاص ولا يسقط عنها لأجل معصيته فرض الحج هذا نص الحديث الذي احتجوا به وليس يفهم منه غير ذلك أصلا لأن الأمر في هذا الحديث متوجه إلى الزوج لا إلى المرأة .
قال علي ومن هذا النوع أمره عليه السلام بالإنصات للخطبة وفي الصلاة مع قوله تعالى { وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منهآ أو ردوهآ إن لله كان على كل شيء حسيبا } الآية فنظرنا في النصين المذكورين فوجدنا الإنصات عاما لكل كلام سلاما كان أو غيره ووجدنا ذلك في وقت خاص وهو وقت الخطبة والصلاة ووجدنا في النص الثاني إيجاب رد السلام وهو بعض الكلام في كل حالة على العموم .
فقال بعض العلماء معنى ذلك أنصت إلا عن السلام الذي أمرت بإفشائه ورده في الخطبة وقال بعضهم رد السلام وسلم إلا أن تكون منصتا للخطبة أو في الصلاة .
قال علي فليس أحد الاستثناءين أولى من الثاني فلا بد من طلب الدليل من غير