الآخر أو يكون أحدهما حاظرا والآخر مبيحا أو يكون أحدهما موجبا والثاني نافيا فواجب ههنا أن يستثنى الأقل معاني من الأكثر معاني وذلك مثل أمره عليه السلام ألا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت وأذن للحائض أن تنفر قبل أن تودع فوجب استثناء الحائض من جملة النافرين وكذلك حديث نهي النبي A عن الرطب بالتمر مع إباحة ذلك في العرايا فيها دون خمسة أوسق ومثل أمر الله D بقطع ( يد ) السارق والسارقة جملة مع قوله عليه السلام لا قطع إلا في ربع دينار فصاعدا فوجب استثناء سارق أقل من ربع دينار من القطع وبقي سارق ما عدا ذلك على وجوب القطع عليه وكذلك تحريمه تعالى أمهات الرضاعة مع قوله A لا تحرم الرضعة والرضعتان ونسخ العشر المحرمات بالخمس المحرمات فوجب استثناء ما دون الخمس رضعات من التحريم ويبقى الخمس فصاعدا على التحريم ومثل قوله تعالى { ولا تنكحوا لمشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا لمشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى لنار ولله يدعو إلى لجنة ولمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون } مع إباحته المحصنات من نساء أهل الكتاب بالزواج فكن بذلك مستثنيات من جملة المشركات وبقي سائر المشركات على التحريم ومثل قوله عليه السلام دماؤكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام مع قوله تعالى { لشهر لحرام بلشهر لحرام ولحرمات قصاص فمن عتدى عليكم فعتدوا عليه بمثل ما عتدى عليكم وتقوا لله وعلموا أن لله مع لمتقين } وأمر على لسان نبيه A بقتل من ارتد بعد إسلامه أو زنى بعد إحصانه أو قتل نفسا أو شرب خمرا بعد أن حد فيها ثلاثا وأباح قتل من سعى في الأرض فسادا وأمر بأخذ أموال معروفة في الزكوات والنفقات والكفارات وأمر بتغيير المنكر باليد فكان كل ذلك مستثنى من جملة تحريم الدماء والأموال والأعراض وبقي سائرها على التحريم .
فقد أرينا في هذه المسائل استثناء الأقل معاني من الأكثر معاني وأرينا في ذلك إباحة من حظر وحظرا من إباحة وحديثا من آية وآية من حديث وآية من آية وحديثا من حديث ولا نبالي في هذا الوجه كما نعلم أي النصين ورد أولا أو لم نعلم ذلك وسواء كان الأكثر معاني ورد أولا أو ورد آخرا كل ذلك سواء ولا يترك واحد منهما للآخر لكن يستعملان معا كما ذكرنا فهذا وجه