فإذ لا شك في هذا فلم نحكم لشيء من الباطل بأنه باطل من أجل شبهه بباطل آخر بل ليس أحد الباطلين أولى أن يكون باطلا من سائر الأباطيل بل كل الأباطيل في وقوعها تحت الباطل سواء ولا أحد الحقين أولى أن يكون حقا من حق آخر بل كل حق فهو في أنه حق سواء مع سائر الحقوق كلها وليس شيء من ذلك مقيسا على غيره .
والقول مطرد هكذا بضرورة العقل في كل ما في العالم من الشرائع وغيرها فكذلك كل بر فهو بر وكل تمر فهو تمر وكل ما أشبه البر مما ليس برا فليس برا وكل ما أشبه الذهب مما ليس ذهبا فليس ذهبا وكل ما أشبه الحرام مما لم ينه النص عنه فليس حراما وهكذا جميع الأشياء أولها عن آخرها فهذا الذي أتوا به مبطل للقياس لو عقلوا وأنصفوا أنفسهم وبالله تعالى التوفيق .
وإنما عول القوم على التمويه والكذب والتلبيس على من اغتر بهم فقالوا إن أصحاب الظاهر ينكرون تماثل الأشياء ثم جعلوا يأتون بآيات وأحاديث ومشاهدات فيها تماثل أشياء .
وهذا خداع منهم لعقولهم وما أنكرنا قط تماثل الأشياء بل نحن أعرف بوجوه التماثل منهم لأننا حققنا النظر فيها فأبانها الله تعالى لنا وهم خلطوا وجه نظرهم فاختلط الأمر عليهم وإنما أنكرنا أن نحكم للمتماثلات في صفاتهما من أجل ذلك في الديانة بتحريم أو إيجاب أو تحليل دون نص من الله تعالى أو رسوله A أو إجماع من الأمة فهذا الذي أبطلنا وهو الباطل المحض والتحكم في دين الله تعالى بغير هدى من الله نعوذ بالله من ذلك وقالوا أيضا إن أصحاب الظاهر يبطلون حجج العقول .
قال أبو محمد وكذبوا بل نحن المثبتون لحجج العقول على الحقيقة وهم المبطلون لها حقا لأن العقل يشهد أنه يحرم دون الله تعالى ولا يوجب دون الله تعالى شريعة وأنه إنما يفهم ما خطب الله تعالى به حامله ويعرف الأشياء على ما خلقها الله تعالى عليه فقط وهم يحرمون بعقولهم ويشرعون الشرائع بعقولهم بغير نص من الله تعالى ولا من رسوله A ولا إجماع من الأمة فهذا هو إبطال حجج العقول على الحقيقة وبالله تعالى التوفيق .
واحتجوا بالموازنة يوم القيامة .
قال أبو محمد وهذا من أغرب ما أبدوا فيه عن جهلهم وهل هذا إلا نص جلي