تقرون حينئذ بإبطال ما قد صوبتموه ولا فساد أشد من فساد قول أدى إلى التزام الباطل وليس من يبطل قضايا العقل كذلك لأنه لا يصح شيء أصلا إلا بالعقل أو بالحواس مع العقل أو ما أنتج من ذلك فمن أبطل حجة العقل ثم ناظر في ذلك بحجة العقل فإن صححها رجع إلى الحق ودخل معنا وإن أبطلها سقط القول معه لأنه يقر أنه يتكلم بلا عقل وليس القياس هكذا بإقراركم .
ويكفي من هذا أن من رام إبطال حجة العقل بحجة فقد رام ما لا يجده أبدا وحجة العقل لا تبطل حجة العقل أصلا بل توجبها وتصححها وكذلك من رام إبطال خبر الواحد بخبر الواحد فإنه لا يجد أبدا خبرا صحيحا يبطل خبر الواحد .
وهكذا كل شيء صحيح فإنه لا يوجد شيء صحيح يعارضه أبدا هذا يعلم ضرورة ولو كان ذلك لكان الحق يبطل الحق وهذا محال في البنية وليس كذلك القياس لأنه يبطل بالقياس جهارا وبأسهل عمل فصح أنه باطل وهكذا كل باطل في العالم فإنه يبطل بعضه بعضا بلا شك .
وقال بعضهم من الدليل على أن حكم المماثلين حكم واحد أن الله D قد تحدى العرب بأن يأتوا بمثل هذا القرآن وأعلم أنهم لو أتوا بمثله لكان باطلا لأن مثل الباطل لا يكون إلا باطلا ومثل الحق لا يكون إلا حقا .
قال أبو محمد هذا قول صحيح وهو حجة عليهم لأن المشبه للباطل في أنه باطل هو بلا شك باطل وبهذا أبطلنا القياس بالقياس ورأينا أنه كله باطل وليس ما أشبه الباطل في أنه مخلوق مثله وأنه كلام مثله يكون باطلا بل هذا حكم يؤدي إلى الكفر لأن الكفر كلام والكذب كلام والقرآن كلام والحق كلام .
وليس ذلك بموجب اشتباه كل ذلك في غير ما اشتبه فيه يرومون .
وأيضا فهذا من ذلك التمويه الذي إذا كشف عاد مبطلا لقولهم بعون الله D وذلك أننا لم ننكر قط أن ما وقع عليه مع غيره اسم يجمع تلك الأشخاص فإنها كلها مستحقة لذلك الاسم بل نحن أهل هذا القول .
ونقول إن كل ما يوضع من الكلام في غير مواضعه التي وضعها الله تعالى فيها في الشرائع أو في غير المواضع التي وضعه فيها أهل اللغات للتفاهم فهو باطل وتحريف للكلم عن مواضعه وتبديل له وهذا محرم بالنص وتدليس بضرورة العقل وكل ما كان من الكلام موضوعا في مواضعه التي ذكرنا فهو حق