واحتج بعضهم فقال لمن سلف من أصحابنا فقهكم في اتباع الظاهر يشبه فعل الغلام الذي قال له سيده هات الطست والإبريق فأتاه بهما ولا ماء في الإبريق فقال له وأين الماء لم تأمرني وإنما أمرتني بطست وإبريق فهاهما وأنا لا أفعل إلا ما أمرتني .
قال أبو محمد فقال لهم وبالله تعالى التوفيق بل فقهكم أنتم يشبه فعل المذكور على الحقيقة إذ قال له سيده إذا أمرتك بأمر فافعله وما يشبهه فعلمه سيده القياس حقا على وجهه وحفظ الغلام ذلك وقبله قبولا حسنا فوجد سيده حرارة فقال سق إلي الطبيب فإني أجد التياثا فلم ينشب أن أتاه بعض إخوانه فزعا فقال له يا فلان من مات لك فقال ما مات لي أحد فقال له فإن الغاسل والمغتسل والنعش وحفار القبور عند الباب فدعا غلامه فقال له ما هذا الباب فقال له ألم تأمرني إذا أمرتني بأمر أن أفعله وما يشبهه قال نعم قال فإنك أمرتني بسوق الطبيب لالتياثك وليس يشبه العلة وإحضار الطبيب إلا الموت والموت يوجب حضور الغاسل والنعش والحفار لحفر القبر فأحضرت كل ذلك وفعلت ما أمرتني وما يشبهه .
فنحن نقول إن هذا الغلام أعذر في الائتمار لأمر مولاه في الإبريق الفارغ إذ لعله يريد أن يعرضه على جليسه أو يبيعه أو يقبله لمذهب له فيه منه في جلب الحفار والغاسل والنعش قياسا على العلة والطبيب ولقد كان الغلام قوي الفهم في القياس إذ لا قياس بأيديكم إلا مثل هذا .
وهو أن تشبهوا حالا بحال في الأغلب فتحكمون لهما بحكم واحد وهو باب يؤدي إلى الكهانة الكاذبة والتخرص في علم الغيب والتحذلق في الاستدراء على الله تعالى وعلى رسوله A فيما لم يأذن به D وبالله تعالى نعوذ من ذلك .
واحتجوا فقالوا أنتم تقولون إذا حكم رسول الله A في عين ما فهو حكم واحد في جميع نوع تلك العين التي يقع عليها اسم نوعها .
وهذا قياس .
قال أبو محمد هذا تمويه زائف وقد بينا وجه هذه المسألة وهو أنه A بعث إلى كل من يخلق إلى يوم القيامة من الإنس والجن وليحكم كل نوع من أنواع العالم بحكم ما أمره به ربه تعالى ولا سبيل إلى أن يخاطب A من لم يخلق بعد بأكثر من أن يأمر بالأمر فيلزم النوع كله إلا أن يخص A كما خص أبا بردة بن نيار بقوله يجزيك ولا تجزىء جذعة عن أحد بعدك