حس هو مثل معرفتكم بالشرائع كالصلاة والزكاة والصيام وغير ذلك مما يحرم في البيوع والنكاح وما يحل فإن قالوا لا كفونا أنفسهم وأبطلوا ما استدلوا به ههنا وإن قالوا نعم كابروا ولزمهم أن يكونوا مستغنين عن النبي A وأنهم كانوا يدرون الشريعة بطبائعهم قبل أن يعلموها وهذا ما لا يقوله ذو عقل .
ويقال لهم هل كان على قشر الرمان قط على لوز فإن قالوا نعم لحقوا بسكان المارستان وإن قالوا لا سألناهم أكانت الخمر قط حلالا وكان بيع البر بالبر متفاضلا غير محرم في صدر الإسلام أو لم يزل ذلك والخمر حلالا مذ خلق الله الخمر وللبر بينة الطبع فإن قالوا كانت الخمر وبيع البر متفاضلا غير حرام برهة من الإسلام ثم حرم ذلك أقروا بأن ذلك ليس من باب ما في قشر اللوز والرمان في ورد ولا صدر لأن الطبائع قد استقرت مذ خلق الله تعالى العالم على رتبة واحدة هذا معلوم بأول العقل والحس اللذين يدرك بهما علم الحقائق وأما الشرائع فغير مستقرة ولم يزل تعالى مذ خلق الخلق ينسخ شريعة بعد شريعة فيحرم في هذه ما أحل في تلك ويسقط في هذه ما أوجب في تلك ويوجب في هذه ويحل فيها ما أسقط في تلك وما حرم إلى أن نص الله تعالى أنه لا تبدل هذه الملة أبدا .
فصح أن من شبه الطبائع التي تعلم بالحس والعقل بالشرائع التي لا تعلم إلا بالنص لا مدخل للعقل ولا للحس في تحريم شيء منها ولا في إيجاب فرض منها إلا بعد ورود النص بذلك فهو غافل جاهل ولو احتج بهذا يهودي لا يرى النسخ لكان هذا الاحتجاج أشبه بقوله منه بقول أصحاب القياس .
وأما الموت فهو حكم كل جسم مركب من العناصر إلى نفس حية فقد رتب الله تعالى في العالم هذا اصطحابهما مدة ثم افتراقهما ورجوع كل عنصر إلى عنصره وليس هذا قياسا يوجب موت أهل الجنة والنار فبطل تمويههم وبالله تعالى التوفيق .
وقالوا القياس فائدة زائدة على النص .
قال أبو محمد لا فائدة في الزيادة على ما أمر الله تعالى به ولا في النقص منه بل كل ذلك بلية ومهلكة وتعد لحدود الله تعالى وظلم وافتراء وبالله تعالى نعوذ من ذلك ولا أعظم جرما ممن يقر على نفسه أنه يزيد على النص الذي أذن الله به ولم يأذن في تعديه .
وبالله تعالى نعوذ من الخذلان