كر الغداة ومر العشي هو الذي وقع فيه التجوز لكونهما مسندين إلى الله تعالى في نفس الأمر ومثله أنبئت الربيع البقل .
والضابط فيه أنك متى نسبت إلى ما ليس بمنسوب إليه لذاته بضرب من الملاحظة بين الإسنادين كان ذلك مجازا في التركيب وخرج بهذا القيد الأخير قول الدهري أنبت الربيع البقل إذ ذلك ليس عنده لضرب من الكلابسة بل هو أصلي عنده منتسب إلى من ينتسب إليه حقيقة ولهذا اخترنا التمثيل لهذا النوع بآي الكتاب العزيز فإن الإثبات الذي يذكر والأمثلة التي تورد جاز أن يكون قائلهما دهريا على أن البيت المذكور في الكتاب للصلتان العبدي وهو مسلم في قصدته التي هذا البيت منها ما يدل على ذلك وبهذا القيد ينفصل عنه الكذب أيضا لأن الكاذب لم يسند الأثر إلى ما أسنده لمشابهة ذلك الإسناد إسنادا آخر الذي هو أصلي بل إما لأنه أصلي عنده أو وإن لم يكن كذلك إلا أنه لم يلاحظ الملاحظة والملاحظة قد تكون بأن يختص الشيء بأثر يوجد الأثر عند وجوده وينعدم عند عدمه وهو غير صادر عنه لكن الله تعالى أجرى العادة بأن يوجد الأثر عند وجوده ويعدمه عند عدمه كنبات البقل مع الربيع أو بأن يوجد وإن لم ينعدم عند عدمه كالهلاك مع أكل السم في قولهم أهلكه السم أو بأن يكون الشيء سبب التسبب كقولهم كسا الخليفة الكعبة وما أشبه ذلك .
وذهب ابن الحاجب إلى إنكار المجاز في التركيب وهو شاذ .
والثالث وهو أن يقع المجاز فيها جميعا كقول القائل لمن سرته رؤيته أحياني اكتحالي بطلعتك فإنه استعمل الإحيا في السرور والاكتحال في الرؤية وذلك مجاز ثم أسند الإحيا إلى الاكتحال مع أن المحيي هو الله تعالى .
هذا شرح ما في الكتاب ولك هنا مناقشات .
أحدها على التمثيل بالبيت الذي ذكره من جهة أنه إنما يصلح مثالا للقسم الثالث لأن المراد بالصغير من تقدم له الصغير