المسلك الأول : الإجماع .
وهو نوعان : إجماع على علة معينة كتعليل ولاية المال بالصغر وإجماع على أصل التعليل وإن اختلفوا في عين العلة كإجماع السلف على أن الربا في الأصناف الأربعة معلل وإن اختلفوا في العلة ماذا هي وقد ذهب إلى كون الإجماع من مسالك العلة جمهور الأصوليين كما حكاه القاضي في التقريب ثم قال وهذا لا يصح عندنا فإن القياسيين ليسوا كل الأمة ولا تقوم الحجة بقولهم وهذا الذي قاله صحيح فإن المخالفين في القياس كلا أو بعضا هم بعض الأمة فلا تتم دعوى الإجماع بدونهم وقد تكلف إمام الحرمين الجويني في البرهان لدفع هذا فقال إن منكري القياس ليسوا من علماء الأمة ولا من حملة الشريعة فإن معظم الشريعة صدرت عن الاجتهاد والنصوص لا تفي بعشر معشار الشريعة انتهى وهذا كلام يقضي من قائله العجب فإن كون منكري القياس ليسوا من علماء الأمة من أبطل الباطلات وأقبح التعصبات ثم دعوى أن نصوص الشريعة لا تفي بعشر معشارها لا تصدر إلا عمن لم يعرف نصوص الشريعة حق معرفتها وحكى ابن السمعاني عن بعض أصحاب الشافعي أنه لا يجوز القياس على الحكم المجمع عليه ما لم يعرف النص الذي أجمعوا عليه انتهى وهذا يعود عند التحقيق إلى نفي كون الإجماع من مسالك العلة ثم القائلون بأن الإجماع من مسالك العلة لا يشترطون فيه أن يكون قطعيا بل يكتفون فيه بالإجماع الظني فزادوا هذا المسلك ضعفا إلى ضعفه