الفصل الأول في تعريفه .
وهو في اللغة تقدير شيء على مثال شيء آخر وتسويته به ولذلك سمي المكيال مقياسا وما يقدر به النعال مقياسا ويقال فلان لا يقاس بفلان أي لا يساويه وقيل هو مصدر قست الشيء إذا اعتبرته أقيسه قيسا وقياسا ومنه قيس الرأي وسمي امرؤ القيس لاعتبار الأمور برأيه وذكر صاحب الصحاح و ابن أبي البقاء فيه لغة بضم القاف يقال قسته أقوسه قوسا هو على اللغة الأولى من ذوات الياء وعلى اللغة الثانية من ذوات الواو وفي الاصطلاح حمل معلوم على علوم في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما من حكم أو صفة كذا قال القاضي أبو بكر الباقلاني قال في المحصول واختاره جمهور المحققين منا وإنما قال معلوم ليتناول الموجود والمعدوم فإن القياس يجري فيهما جميعا واعترض عليه بأنه إن أريد بحمل أحد المعلومين على الآخر إثبات مثل حكم أحدهما للآخر فقوله بعد ذلك في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما إعادة لذلك فيكون تكرارا من غير فائدة واعترض عليه أيضا بأن قوله في إثبات حكم لهما مشعر بأن الحكم في الأصل والفرع ثبت بالقياس وهو باطل فإن المعتبر في ماهية القياس إثبات مثل حكم معلوم لمعلوم آخر بأمر جامع واعترض عليه بأن إثبات لفظ أو في الحد للإبهام وهو ينافي التعيين الذي هو مقصود الحد وقال جماعة من المحققين أنه مساواة فرع لأصل في علة الحكم أو زيادة عليه في المعنى المعتبر في الحكم وقال أبو الحسين البصري وهو تحصيل حكم الأصل في الفرع لاشتباههما في علة الحكم عند المجتهد وقيل إدراج خصوص في عموم وقيل إلحاق المسكوت عنه بالمنطوق به وقيل إلحاق المختلف فيه بالمتفق عليه وقيل استنباط الخفي من الجلي وقيل حمل الفرع على الأصل ببعض أوصاف الأصل وقيل حمل الشيء على غيره وإجراء أحدهما على الآخر وقيل بذل الجهد في طلب الحق وقيل حمل الشيء على غيره وإجراء حكمه عليه وقيل حمل الشيء على الشيء في بعض أحكامه بضرب من الشبه وعلى كل حد من هذه الحدود اعتراضات يطول الكلام بذكرها وأحسن ما يقال في حده استخراج مثل حكم المذكور لما لم يذكر بجامع بينهما فتأمل هذا تجده صوابا إن شاء الله وقال إمام الحرمين يتعذر الحد الحقيقي في القياس لاشتماله على حقائق مختلفة كالحكم فإنه قديم والفرع والأصل فإنهما حادثان والجامع فإنه علة ووافقه ابن المنير على ذلك وقال ابن الأنباري الحقيقي إنما يتصور فيما يتركب من الجنس والفصل ولا يتصور ذلك في القياس قال الأستاذ أبو إسحاق اختلف أصحابنا فيما وضع له إسم القياس على قولين أحدهما أنه استدلال المجتهد وفكرة المستنبط والثاني أنه المعنى الذي يدل على الحكم في أصل الشيء وفرعه قال وهذا هو الصحيح انتهى واختلفوا في موضوع القياس قال الروياني وموضوعه طلب أحكام الفروع المسكوت عنها من الأصول المنصوصة بالعلل المستنبطة من معانيها ليلحق كل فرع بأصله وقيل غير ذلك مما هو دون ما ذكرناه