الثامنة عشرة يجب على المفتي عند اجتماع الرقاع بحضرته أن يقدم الأسبق فالاسبق كما يفعله القاضي عند اجتماع الخصوم وذلك فيما يجب عليه الإفتاء وعند التساوي أو الجهل بالسابق يقدم بالقرعة والصحيح أنه يجوز له تقديم المرأة والمسافر الذي شد رحله وفي تأخيره تخلفه عن رفقته على من سبقهما إلا إذا أكثر المسافرون والنساء بحيث يلحق غيرهم من تقديمهم ضرر كثير فيعود إلى التقديم بالسبق أو القرعه ثم لا يقدم من يقدمه إلا فتيا واحدة والله أعلم .
التاسعة عشرة ليحذر أن يميل في فتواه مع المستفتي أو مع خصمه ووجوه الميل كثيرة لا تخفى ومنها أن يكتب في جوابه ما هو له ويسكت عما هو عليه وليس له أن يبتدىء في مسائل الدعاوى والبينات يذكر وجوه المخالص منها وإذا سأله أحدهم وقال بأي شيء تندفع دعوى كذا أو كذا وبينة كذا أو كذا لم يجبه كي لا يتوصل بذلك إلى إبطال حق وله أن يسأل عن حاله فيما ادعي عليه فإذا شرحه له عرفه بما فيه من دافع وغير دافع والله أعلم .
العشرون ليس له إذا استفتي في شيء من المسائل الكلامية أن يفتي بالتفصيل بل يمنع مستفتيه وسائر العامة من الخوض في ذلك أصلا ويأمرهم بأن يقتصروا فيها على الإيمان جملة من غير تفصيل ويقولوا فيها وفيما ورد من الآيات والاخبار المتشابهات أن الثابت فيها في نفس الأمر كل ما هو لائق فيها بجلال الله وكماله وتقديسه المطلقين وذلك هو معتقدنا فيها وليس علينا تفصيله وتعيينه وليس البحث عنه من شأننا بل نكل علم تفصيله إلى الله تبارك وتعالى ونصرف عن الخوض فيه قلوبنا وألسنتنا فهذا ونحوه عن أئمة الفتوى هو الصواب في ذلك وهو سبيل سلف الأمة وأئمة المذاهب المعتبرة وأكابر الفقهاء والصالحين وهو أصوب وأسلم للعامة وأشباههم ممن يدغل قلبه بالخوض في ذلك ومن كان منهم إعتقد إعتقادا باطلا تفصيلا